يوم شعب جبله
  ظلَّت تلوم لما بها عرسي(١) ... جهلا وأنت حليمة أمس
  إن تقتلوا بكري وصاحبه ... فلقد شفيت بسيفه نفسي
  فقتلته في الشّعب أوّل فارس(٢) ... في الشّرق قبل ترحّل الشمس
  فزعموا أن عوفا هذا قتل يومئذ ستّة نفر، وقتل ابن له وابن أخ له. وأمّ العلماء فلا يشكَّون أن شريحا قتله، وارتثّ وبه طعنات - والارتثاث أن يحمل وهو مجروح، فإن حمل ميّتا فليس بمرتثّ - فبقي يوما ثم مات. فجعل لقيط يقول عند موته:
  يا ليت شعري عنك دختنوس ... إذا أتاك الخبر المرسوس(٣)
  أتحلق القرون أم تميس ... لا بل تميس إنّها عروس
  دختنوس بنت لقيط بن زرارة، وكانت تحت عمرو بن عمرو بن عدس. وجعلت بنو عبس(٤) يضربونه وهو ميّت، فقالت دختنوس:
  شعر لدختنوس في أبيها:
  ألا يا لها الويلات ويلات من بكى ... لضرب بني عبس لقيطا وقد قضى
  لقد ضربوا وجها عليه مهابة ... وما تحفل(٥) الصّمّ الجنادل من ردى
  فلو أنّكم كنتم غداة لقيتم ... لقيطا صبرتم(٦) للأسنّة والقنا
  غدرتم ولكن كنتم مثل خضّب(٧) ... أصاب(٨) لها القنّاص من جانب الشّرى
  فما ثأره فيكم ولكنّ ثأره ... شريح وأردته الأسنّة إذ هوى(٩)
  فإن تعقب الأيّام من عامر يكن(١٠) ... عليهم حريقا لا يرام إذا سما
  ليجزيهم(١١) بالقتل قتلا مضعّفا ... وما في دماء الحمس يا مال من بوا(١٢)
(١) العرس: الزوجة. وفي البيت التفات من الغيبة إلى الخطاب.
(٢) وردت هذه الكلمة في «الأصول» محرفة، ففي «ب، س»: «فقتله في الشعب وافرسي» وفي «أ، م»: «في الشعر كي وفارس» وفي «ج»: «أو فارس» والتصويب من «النقائض».
(٣) المرسوس: اسم مفعول من قولهم: رس له الخبر إذا ذكره له.
(٤) في «الأصول»: «بنو عامر» والتصويب من «النقائض»، ويؤيده ما في الشعر الذي بعده.
(٥) في «ب، س، ج»: «وما تحمل الضيم الجنادل». وفي «أ، م»: «وما يحمل الصم الجنادل» والتصويب من «النقائض». وردى هنا:
رمى.
(٦) كذا في «النقائض». وفي «الأصول»: «ضربتم بالأسنة». وجواب «لو» محذوف، أي لأصابكم منا القتل الذريع.
(٧) الخضب: النعام. والظليم الخاضب: الذي احمرت ساقاه من أكل الربيع.
(٨) في «الأصول»: «أضاءت». والتصويب من «النقائض»؛ وفيها: «أصاب له». وأصاب هنا: سقط ونزل ضد أصعد. والشرى:
موضع.
(٩) في «الأصول»: «أأردته الأسنة أو هوى». والتصويب من «النقائض».
(١٠) كذا في «النقائض» في «الأصول»: ... من فارس تكن. عليكم ...».
(١١) في «ب، س»: «ليجزيكم».
(١٢) البواء (بالمد، وقصر هنا للشعر): السواء والتكافؤ؛ يقال فلان بواء فلان إذا كان كفؤه إذا قتل به.