كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

يوم شعب جبله

صفحة 102 - الجزء 11

  [فأتوه⁣(⁣١)] فقال: سأكلَّم لكم طفيلا حتى يأخذ أخاه فإنه لا ينجيكم من عوف إلَّا ذلك، وأيم اللَّه ليأتينّ شحيحا.

  فانطلقوا إليه، فقال طفيل: قد أتوني بك، ما أعرفني بما جئتم له! أتيتموني تريدون منّي ابن الجون تقيدون به من عوف، خذوه، فأعطاهم إيّاه؛ فأتوا به⁣(⁣٢) عوفا فجزّ ناصيته وأعتقه؛ فسمّي الجزّاز. فذلك قول نافع بن الخنجر⁣(⁣٣) ابن الحكم بن عقيل بن طفيل بن مالك في الإسلام:

  /

  قضينا الجون عن عبس وكانت ... منيّة⁣(⁣٤) معبد فينا هزالا

  قال: وشهدها لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر وهو ابن تسع سنين، ويقال: كان ابن بضع عشرة سنة، وعامر بن مالك يقول له: اليوم يتمت من أبيك إن قتل أعمامك. وقتل يومئذ زهير بن عمرو بن معاوية، وجد مقتولا بين ظهراني صفوف بني عامر حيث لم يبلغ القتال؛ وهو⁣(⁣٥) معاوية الضّباب بن كلاب. فقال أخوه حصين للذي قتله:

  يا ضبعا عثواء لا تستأنسي⁣(⁣٦) ... تلتقم الهبر من السّقب الرّذي⁣(⁣٧)

  أقسم باللَّه وما حجّت بلي⁣(⁣٨) ... [وما على العزّى تعزّه غني

  وقد حلفت عند منحر⁣(⁣٩) الهدي] ... أعطيكم⁣(⁣١٠) غير صدور المشرفي

  / فليس مثلي عن زهير بغنى ... هو الشّجاع والخطيب اللَّوذعي

  والفارس الحازم والشهم الأبي ... والحامل الثّقل إذا ينزل بي

  وذكروا أنّ طفيل بن مالك لما رأى القتال يوم جبلة قال: ويلكم! وأين نعم هؤلاء! فأغار على نعم عمرو وإخوته وهم من بني عبد اللَّه بن غطفان ثم من بني الثّرماء، فاستاق ألف بعير. فلقيه عبيدة بن مالك فاستجداه، فأعطاه مائة بعير، وقال: كأنّي بك قد لقيت ظبيان بن مرّة بن خالد فقال لك: أعطاك من ألفه مائة! فجئت مغضبا. فلقى عبيدة ظبيان، فقال له: كم أعطاك؟ قال: مائة. فقال: أمائة من ألف! فغضب عبيدة. قال: وذكر أن عبيدة تسرّع يومئذ إلى


(١) التكملة من «النقائض».

(٢) هذه عبارة «النقائض». وعبارة «الأصول»: «فأتوه فجز ...».

(٣) كذا في «النقائض»، وقد سمت العرب خنجرا. وفي «أ، م»: «نافع بن الجنجرة» بجيمين. وفي «سائر الأصول»: «نافع بن الحنجرة بن الحكيم ...».

(٤) كذا في «النقائض». وفي «أكثر الأصول»: «صنيعة معبد». وفي «ج»: «منيعة معبد».

(٥) كذا في «ج» و «النقائض». وفي «سائر الأصول»: ... لم يبلغ القتال هو ومعاوية الضباب ...» وهو تحريف.

(٦) في «ج»: «عشواء لا ستهافسي». وفي «سائر الأصول»: «عشواء لسترمانسي». والتصويب من «النقائض». والضبع العثواء: الكثيرة الشعر. والعثا: لون إلى السواد مع كثرة شعر.

(٧) كذا في «النقائض». وورد هذا الشطر مضطربا في «الأصول»؛ ففي «ج، ب، س»: «تلتهم الهبر من الشعب الذوي». وفي «أ، م»:

تلتهم الخبز من السغب الردي. والهبر: قطع اللحم. والسقب: ولد الناقة أو هو ساعة يولد. والرذي (بالذال المعجمة»: المهزول الهالك. والردي: الهالك.

(٨) بلى: قبيلة من العرب.

(٩) في «الأصول بدل هذين الشطرين:» وما على العدي من الهدي «والتكملة والتصويب من» النقائض. والعزى: شجرة من السمر كانت لغطفان يعبدونها وكانوا بنوا عليها بيتا وأقاموا عليها سدنة، فبعث إليها رسول اللَّه خالد بن الوليد فهدم البيت وأحرق السمرة وهو يقول:

يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت اللَّه قد أهانك

وغني: قبيلة من غطفان. والهدي (بفتح أوّله وكسر ثانيه وتشديد الياء مثل الهدي بالفتح): ما يهدي لمكة من النعم.

(١٠) يريد: لا أعطيكم. وحذف «لا» النافية في مثل هذا الموضع كثير، وهي أن تكون داخلة على فعل مضارع وقبلها قسم.