كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

مقتل عمليق وسببه

صفحة 113 - الجزء 11

  فسوف تلقين الذي لم تطلبي ... وما لبكر عنده⁣(⁣١) من مهرب

  تحريض عفيرة بنت عباد قومها عليه:

  فلمّا أن دخلت عليه افترعها وخلَّى سبيلها. فخرجت إلى قومها في دمائها شاقّة درعها من قبل ومن دبر والدّم يسيل وهي في أقبح منظر، وهي تقول:

  /

  لا أحد أذلّ من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس

  / يرضى بهذا يا لقومي حرّ⁣(⁣٢) ... أهدى وقد أعطى وسيق المهر

  لأخذة الموت كذا لنفسه ... خير من أن يفعل ذا بعرسه

  وقالت تحرّض قومها فيما أتي إليها:

  أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم ... وأنتم رجال فيكم عدد النّمل

  وتصبح تمشي في الدّماء⁣(⁣٣) عفيرة ... جهارا⁣(⁣٤) وزفّت في النساء إلى بعل

  ولو أننا كنا رجالا وكنتم ... نساء لكنّا لا نقرّ بذا الفعل

  فموتوا كراما أو أميتوا عدوّكم ... ودبّوا لنار الحرب بالحطب الجزل

  وإلا فخلَّوا بطنها وتحمّلوا ... إلى بلد قفر وموتوا من الهزل

  فللبين خير من مقام⁣(⁣٥) على أذى ... وللموت خير من مقام على الذّلّ

  وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تعاب⁣(⁣٦) من الكحل

  ودونكم طيب العروس فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللغسل⁣(⁣٧)

  فبعدا وسحقا للذي ليس دافعا ... ويختال يمشي بيننا مشية الفحل

  ائتمار جديس للغدر به وبقومه:

  فلمّا سمع الأسود أخوها ذلك وكان سيّدا مطاعا قال لقومه: يا معشر جديس! إن هؤلاء القوم ليسوا بأعزّ منكم في داركم إلَّا بما كان من ملك صاحبهم علينا وعليهم، ولولا عجزنا وإدهاننا⁣(⁣٨) ما كان له فضل علينا. ولو امتنعنا لكان لنا منه النّصف⁣(⁣٩). فأطيعوني فيما آمركم به، فإنّه عزّ الدهر، وذهاب الذلّ العمر، واقبلوا / رأيي. قال: وقد أحمى


(١) في «الصبح المنير»: «بعد ذا».

(٢) في «الكامل»:

يرضى بذا يا قوم بعل حر

(٣) في «ج»: «في الدجاء». وفي «سائر الأصول»: «في الرعاء». والتصويب من كتاب «الكامل» لابن الأثير و «الصبح المنير».

(٤) هذه رواية «الكامل». وفي «الأصول»: «عفيرة زفت». وفي «الصبح المنير»: «عشية زفت».

(٥) كذا في «ج» وكتاب «الكامل» و «الصبح المنير». وفي «سائر الأصول»: «من تماد».

(٦) في «الصبح المنير»: «لا تغب عن الكحل».

(٧) كذا في «ج» وكتاب «الكامل». وفي «سائر الأصول»: «وللنسل». والغسل (بالكسر): ما يغتسل به.

(٨) الإدهان: المصانعة واللين مثل المداهنة.

(٩) النصف (بالتحريك): إعطاء الحق مثل النصفة والإنصاف.