أخبار عائشة بنت طلحة ونسبها
  قد رأيناك فلم تحل لنا ... وبلوناك فلم ترض الخبر
  وهذه الحكاية تحامل من مصعب الزبيريّ وعصبيّة. والخبر في رضاها عنه والحكاية في هذا غير ما حكاه وهو ما سبق.
  ما كان في يوم زواجها من عمر بن عبيد اللَّه:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن مهرويه عن ابن أبي سعد عن القحذميّ أنّ عمر بن عبيد اللَّه لمّا قدم الكوفة تزوّج عائشة بنت طلحة، فحمل إليها ألف ألف درهم: خمسمائة ألف درهم مهرا وخمسمائة ألف هديّة، وقال لمولاتها: لك عليّ ألف دينار إن دخلت بها اللَّيلة. وأمر بالمال فحمل فألقى / في الدار وغطَّي بالثياب.
  وخرجت عائشة فقالت لمولاتها: أهذا فرش أم ثياب؟ قالت: انظري إليه، فنظرت فإذا مال، فتبسّمت. فقالت:
  أجزاء من حمل هذا أن يبيت عزبا! قالت: لا واللَّه، ولكن لا يجوز دخوله إلا بعد أن أتزيّن له وأستعدّ. قالت: فيم ذا! فوجهك واللَّه أحسن من كل زينة، وما تمدّين يدك إلى طيب أو ثوب أو مال أو فرش إلا وهو عندك. وقد عزمت عليك أن تأذني له. قالت: افعلي. فذهبت إليه فقالت له: بت بنا الليلة. فجاءهم عند العشاء الآخرة(١)، فأذني إليه طعام فأكل الطعام كلَّه حتى أعرى الخوان، وغسل يده، وسأل عن المتوضّأ فأخبرته فتوضّأ، وقام يصلَّي حتى ضاق صدري ونمت، ثم قال: أعليكم إذن؟ قلت: نعم، فدخل، فأدخلته وأسبلت السّتر عليهما. فعددت له في بقيّة الليل على قلَّتها سبع عشرة مرة دخل المتوضّأ فيها. فلمّا أصبحنا وقفت على رأسه فقال: أتقولين شيئا؟ قلت: نعم! واللَّه ما رأيت مثلك، أكلت أكل سبعة، وصلَّيت صلاة سبعة، ونكت نيك سبعة. فضحك وضرب بيده على منكب عائشة، فضحكت وغطَّت وجهها وقالت:
  قد رأيناك فلم تحل لنا ... وبلوناك فلم نرض الخبر
  ويدلّ أيضا على بطلان خبره أنه لمّا مات ندبته قائمة، ولم تندب أحدا من أزواجها إلا جالسة فقيل لها في ذلك، فقالت: إنه كان أكرمهم عليّ وأمسّهم رحما بي، وأردت ألَّا أتزوّج بعده وكانت ندبة المرأة زوجها قائمة مما تفعله من لا تريد أن تتزوج بعد زوجها أخبرني بذلك الحسن بن عليّ عن أحمد بن زهير بن حرب عن محمد بن سلَّام. وهذا دليل على خلاف ما ذكره مصعب.
  ثم رجع الخبر إلى سياقة خبرها:
  حديث امرأة عنها وقد اختلى بها عمر:
  قال المدائنيّ في خبره: قالت امرأة: كنت عند عائشة بنت طلحة، فقيل لها: قد جاء الأمير، فتنحّيت، ودخل عمر بن عبيد اللَّه، وكنت بحيث أسمع كلامهما، فوقع عليها فجاءت بالعجائب ثم خرج، فقلت لها: أنت في نفسك وموضعك وشرفك تفعلين هذا! فقالت: إنا نتشهّى لهذه الفحول بكل ما حرّكها وكلّ ما قدرنا عليه.
  طلبت ضرتها من مولاة لها أن تراها متجردة ثم ندمت أن رأتها
  قال المدائنيّ: وحدّثني مسلمة بن محارب قال:
(١) في «ج، ب، س»: «الأخيرة» وهو تحريف.