كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب عمرو بن شأس وأخباره

صفحة 135 - الجزء 11

  - تغنى الحارث بن أبي شمر خاله -

  قتيل ما قتيل ابني حذار ... بعيد الهمّ طلَّاع النجار

  ويروى: «جواب الصحاري». فقال عمرو بن شأس في ذلك:

  صوت

  متى تعرف العينان أطلال دمنة ... لليلى بأعلى ذي معارك⁣(⁣١) تدمعا

  على النحر والسّربال حتى تبلَّه⁣(⁣٢) ... سجوم ولم تجزع على الدار مجزعا

  خليليّ عوجا اليوم نقض لبانة ... وإلَّا تعوجا اليوم لا ننطلق معا

  وإن تنظراني اليوم أتبعكما غدا ... قياد النجنيب أو أذلّ وأطوعا⁣(⁣٣)

  وهي قصيدة. غنّى في هذه الأبيات إبراهيم ثقيلا أوّل بالوسطى عن الهشاميّ. والدمنة في هذا الموضع: آثار الناس وما سوّدوا، وهي في غير هذا الموضع الحقد؛ يقال: في صدره عليّ إحنة، وترة، وضبّ، وحسيكة، ودمنة.

  وعوجا: احبسا وتلبّثا، عاج يعوج عياجا⁣(⁣٤). وما أعيج⁣(⁣٥) بكلامك أي ما ألتفت إليه. واللَّبانة: الحاجة؛ / يقال:

  لي في كذا لبانة ولبونة⁣(⁣٦) ولماسة، ووطر، وحوجاء ممدودة. وقوله: «لا ننطلق معا»، يقول إن لم تقفا تأخّرت عنكما فتفرّقنا. وتنظراني تنظراني؛ يقال نظرته أنظره، وأنظرته أنظره إنظارا ونطرة أيضا إذا أخّرته؛ قال اللَّه ø: {فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}. والجنيب: المجنوب من فرس وغيره، والجنيب أيضا الذي يشتكي رئته من شدّة العطش.

  خطب بنت رجل كان مجاورا له فلما أحس منه امتناعا أراد أن يصيبها سبية ثم تذمم وقال شعرا:

  وقال الطوسيّ قال الأصمعيّ: جاور رجل من بني عامر بن صعصعة عمرو بن شأس ومعه بنت له من أجمل الناس وأظرفهم، فخطبها عمرو إلى أبيها. / فقال أبوها: أمّا دمت جارا لكم فلا، لأني أكره أن يقول الناس غصبه أمره، ولكن إذا أتيت قومي فأخطبها إليّ أزوّجكها. فوجد عمرو من ذلك في نفسه واعتقد ألَّا يتزوّجها أبدا إلا أن يصيبها مسبيّة. فلمّا ارتحل أبوها همّ عمرو بغزو قومها، فسار في أثر أبيها. فلمّا وقعت عينه عليه وظفر به استحيا من جواره وما كان بينهما من العهد والميثاق، فنظر إلى الجارية أمامهم وقد أخرجت رأسها من الهودج تنظر إليه. فلمّا رآها رجع مستحييا متذمّما منها. وكان عمرو مع شجاعته ونجدته من أهل الخير؛ فقال في ذلك:


(١) ذو معارك: موضع في ديار بني تميم. وفي «الأصول»: «ذي معازل» والتصويب من كتاب «معجم ما استعجم» و «طبقات الشعراء» لابن سلام. (صفحة ٤٧ طبعة مدينة ليدن سنة ١٩١٦ م).

(٢) الضمير المرفوع في «تبله» وما بعده مراد به العين. وجائز في مثل هذا المثنى أن يعود الضمير إليه مفردا. وفي «طبقات الشعراء» «رشاشا» بدل «سجوم». وقوله: ولم تجزع على الدار، يريد أن تذراف العين بالدموع لم يكن لجزعها على الدار، وإنما كان على أهلها الذين فارقوها.

(٣) رواية «طبقات الشعراء»:

أذل قيادا من جنيب وأطوعا

(٤) الذي في «القاموس»: عاج عوجا ومعاجا.

(٥) عين هذا الفعل ياء، وعين الأول واو. وبنو أسد يقولون: ما أعوج بكلامك.

(٦) لم نجد هذه الكلمة فيما لدينا من كتب اللغة.