شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها
  حدّثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال حدّثني محمد بن يعقوب بالأنبار قال حدّثني من أنشد(١) الأصمعيّ:
  عليّ دماء البدن إن كان زوجها ... يرى لي ذنبا غير أنّي أزورها
  وأنّي إذا ما زرتها قلت يا اسلمى ... فهل كان من قولي اسلمي ما يضيرها
  فقال الأصمعيّ: شكوى مظلوم، وفعل ظالم.
  مقتل توبة وسببه وكيف كان:
  أخبرني بالسبب في مقتل توبة محمد بن الحسن بن دريد إجازة عن أبي حاتم السّجستانيّ عن أبي عبيدة، والحسن بن عليّ الخفّاف قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا محمد بن عليّ بن المغيرة عن أبيه عن أبي عبيدة، وأخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال أخبرنا أبو سعيد السّكَّري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي، ورواية أبي عبيدة أتمّ واللَّفظ له. قال أبو عبيدة:
  كان الذي هاج مقتل توبة بن الحميّر بن حزم(٢) بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر / بن صعصعة أنّه كان بينه وبين بني عامر بن عوف بن عقيل لحاء(٣)، ثم إنّ توبة شهد بني خفاجة وبني عوف وهم يختصمون عند همّام بن مطرف العقيليّ في بعض أمورهم. قال: وكان مروان بن الحكم يومئذ أميرا / على المدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، فاستعمله على صدقات بني عامر. قال: فوثب ثور بن أبي سمعان بن كعب بن عامر بن عوف بن عقيل على توبة بن الحميّر فضربه بجرز(٤) وعلى توبة الدرع والبيضة، فجرح أنف البيضة وجه توبة. فأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة، فقال: خذ بحقّك يا توبة. فقال له توبة: ما كان هذا إلَّا عن أمرك، وما كان ليجترئ عليّ عند غيرك. وأمّ همّام صوبانة بنت جون(٥) بن عامر بن عوف بن عقيل، فاتّهمه توبة لذلك، فانصرف ولم يقتصّ منه. فمكثوا غير كثير، وإنّ توبة بلغة أنّ ثور بن أبي سمعان خرج في نفر من رهطه إلى ماء من مياه قومه يقال له قوباء(٦) يريدون مالهم(٧) بموضع يقال له جرير بتثليث - قال: وبينهما فلاة - فاتّبعه توبة في ناس من أصحابه، فسأل عنه وبحث حتى ذكر له أنه عند رجل من بني عامر بن عقيل يقال له سارية بن عمير(٨) بن أبي عديّ وكان صديقا لتوبة. فقال توبة: واللَّه لا نطرقهم(٩) عند سارية الليلة حتى يخرجوا
(١) في «الأصول»: «من أنشده الأصمعي ... إلخ».
(٢) في «ج» هنا: «جون» بدل «حزم». وفي «منتهى الطلب»: «حزن». وفي «المختلف والمؤتلف» للآمديّ: «سفيان». وسيأتي في صفحة ٢٢٢: ... حمير بن ربيعة» وهي رواية أبي عبيدة عن مزرع.
(٣) لحاء: مصدر لاحاه ملاحاة ولحاء إذا نازعه.
(٤) الجرز (بالضم) عمود من حديد.
(٥) في «مختار الأغاني»: «طوبانة بنت حزن». ولم نهتد لوجه الصواب فيه.
(٦) كذا في «أكثر الأصول». وفي «ج»: «قويا». وفي «مختار الأغاني»: «هوفا». ولم نجد شيئا من هذه الرسوم في المظانّ. وفي كتاب «صفة جزيرة العرب» لأبي محمد الهمدانيّ: «القوفاء» وردت في قصيدة لشاعر نجدي يقال له الحزازة العامريّ، وقد كان ذهب مع قومه إلى البيت الحرام يستسقون، فوصف أرضهم بلدا بلدا وواديا واديا وجبلا جبلا، وورد في هذه القصيدة بعد «القوفاء» بقليل «تثليث». فلعل ما في «الأصول» محرف عنه.
(٧) في ج و «مختار الأغاني»: «يريدون ماء لهم يقال له جرير ...».
(٨) في «مختار الأغاني»: «سارية بن عريم ...».
(٩) في «ب، س»: «واللَّه لأنظرنهم».