كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها

صفحة 145 - الجزء 11

  ونزل بنو عوف بن عقيل⁣(⁣١) البادية ولحقوا بالجزيرة والشام.

  رواية لأبي عبيدة في مقتله وسببه:

  قال أبو عبيدة: وقد كان توبة أيضا يغير زمن معاوية بن أبي سفيان على قضاعة وخثعم ومهرة وبني الحارث بن كعب. وكانت بينهم وبين بني عقيل مغاورات⁣(⁣٢)، فكان توبة إذا أراد الغارة عليهم حمل الماء معه في الرّوايا ثم دفنه في بعض المفازة على مسيرة يوم منها؛ فيصيب ما قدر عليه من إبلهم فيدخلها المفازة فيطلبه⁣(⁣٣) القوم، فإذا دخل المفازة أعجزهم فلم يقدروا عليه فانصرفوا عنه. قال: فمكث كذلك حينا. ثم إنه أغار في المرّة الأولى التي قتل فيها هو وأخوه⁣(⁣٤) عبد اللَّه بن الحميّر ورجل يقال له قابض بن أبي عقيل⁣(⁣٥)، فوجد القوم قد حذروا فانصرف توبة مخفقا لم يصب شيئا. فمرّ برجل⁣(⁣٦) من بني عوف بن عامر بن عقيل متنحّيا عن قومه، فقتله توبة وقتل رجلا كان معه من رهطه واطَّرد إبلهما، ثم خرج عامدا يريد عبد العزيز بن زرارة بن جزء بن سفيان بن عوف بن كلاب، وخرج ابن عمّ لثور بن أبي سمعان⁣(⁣٧) المقتول، فقال له خزيمة: صر إلى بني عوف بن عامر بن عقيل فأخبرهم الخبر. فركبوا في طلب توبة فأدركوه في أرض بني خفاجة، وقد أمن في نفسه فنزل، وقد كان أسرى يومه وليلته، فاستظلّ ببرديه وألقى عنه درعه وخلَّى عن فرسه الخوصاء تتردّد / قريبا⁣(⁣٨) منه، وجعل قابضا ربيئة له ونام، فأقبلت بنو عوف بن عامر متقاطرين لئلَّا يفطن لهم أحد، فنظر قابض فأبصر رجلا منهم فأقبل إلى توبة فأنبهه. فقال توبة: ما رأيت؟

  قال: رأيت شخص / رجل واحد، فنام ولم يكترث له، وعاد قابض إلى مكانه فغلبته عيناه فنام. قال: فأقبل القوم على تلك الحال فلم يشعر بهم قابض حتى غشوه، فلما رآهم طار على فرسه. وأقبل القوم إلى توبة، وكان أوّل من تقدّم غلام أمرد على فرس عري⁣(⁣٩) يقال له يزيد بن رويبة بن سالم بن كعب بن عوف بن عامر بن عقيل؛ ثم تلاه ابن عمّه عبد اللَّه بن سالم ثم تتابعوا. فلمّا سمع توبة وقع الخيل نهض وهو وسنان فلبس درعه على سيفه ثم صوّت بفرسه الخوصاء فأتته، فلمّا أراد أن يركبها أهوت ترمحه⁣(⁣١٠)، ثلاث مرّات، فلمّا رأى ذلك لطم وجهها فأدبرت، وحال القوم بينه وبينها. فأخذ رمحه وشدّ على يزيد بن رويبة فطعنه فأنفذ فخذيه جميعا⁣(⁣١١). وشدّ على توبة ابن عمّ الغلام عبد اللَّه بن سالم فطعنه فقتله، وقطعوا رجل عبد اللَّه. فلمّا رجع عبد اللَّه بعد ذلك إلى قومه لاموه وقالوا له: فررت عن أخيك، فقال عبد اللَّه بن الحميّر في ذلك⁣(⁣١٢). قال أبو عبيدة وحدّثني أيضا مزرّع بن عبد اللَّه بن همّام بن مطرّف بن الأعلم قال:


(١) في «الأصول»: «وبنو عقيل» والتصويب من «مختار الأغاني».

(٢) في «ب، س»: «غارات».

(٣) في «ب، س»: «فيطلبهم» وهو تحريف.

(٤) معطوف على فاعل «أغار».

(٥) تقدّم في صفحة ٢١٥ أنه: «قابض بن عبد اللَّه». فلعل «أبا عقيل» جدّ من أجداده، أو هو تحريف.

(٦) الذي تقدّم في صفحة ٢١٤ أنه «مرت عليه إبل هبيرة بن السمين أخي بني عوف بن عقيل».

(٧) في «الأصول» هنا: «أبي سفيان» وهو تحريف.

(٨) في «ج»: «قريبة منه».

(٩) في «الأصول»: «على فرس عربي». والفرس العري (بضم العين وسكون الراء): الذي لا سرج عليه.

(١٠) ترمحه: ترفسه.

(١١) في «أ، م»: «فطعنه فقتله».

(١٢) أي قال القصيدة الآتية التي مطلعها:

تأوبني بعارمة الهموم