شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها
  كان أهل دار من بني جشم بن بكر بن هوازن يقال لهم بنو الشّريد حلفاء لبني عداد(١) بن خفاجة في الإسلام، فكان بينهم وبين خميس بن ربيعة رهط قومه قتال على ماءة تدعى الحليفة وعامّتها لجدّ بن همّام. قال وشهد عبد اللَّه بن الحميّر ذلك وهو / أعرج، عرج يوم قتل توبة فلم يغن كثير غناء. فقالت بنو عقيل: لو توبة تلقّاهم لبلوا [منه(٢)] بغير أفوق ناصل(٣). فقال عبد اللَّه بن الحميّر يعتذر إليهم:
  قصيدة لعبد اللَّه بن الحمير يعتذر فيها إلى قومه بعد قتل أخيه:
  تأوّبني(٤) بعارمة الهموم ... كما يعتاد ذا الدّين الغريم
  كأنّ الهمّ ليس يريد غيري ... ولو أمسى له نبط وروم
  علام تقوم عاذلتي تلوم ... تؤرّقني(٥) وما إنجاب الصّريم(٦)
  فقلت لها رويدا كي تجلَّى ... غواشي النّوم والليل البهيم
  ألمّا تعلمي أنّي قديما ... إذا ما شئت أعصي من يلوم
  وأنّ المرء لا يدري إذا ما ... يهمّ علام تحمله الهموم
  وقد تعدي(٧) على الحاجات حرف ... كركن(٨) الرّعن ذعلبة عقيم
  مداخلة الفقار(٩) وذات لوث ... على الحزّان(١٠) مقحمة غشوم
  / كأنّ الرّحل منها فوق جأب(١١) ... بذات الحاذ(١٢) معقله الصّريم
(١) لم نجد هذا الاسم في مظانه.
(٢) زيادة عن «ج».
(٣) الأفوق من السهام: الذي كسر فوقه وهو مشق الوتر منه. والناصل من السهام: ذو النصل، والذي سقط نصله. والمراد هنا ساقط النصل. ونصل السهم: الحديدة التي في رأسه. وفي حديث عليّ كرم اللَّه وجهه يؤنب قوما: «ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل».
(٤) تأويني الشيء: رجع إلي ليلا. ويحتمل أن يكون «تتأوّبني» هنا فعلا مضارعا أي تتأوّبني. وعارمة: موضع. وفي «الأصول»: «بغازية» والتصويب من كتاب «منتهى الطلب».
(٥) كذا في «ج». وفي «سائر الأصول»: «تؤنبني».
(٦) الصريم: الليل، والصريم: الصبح، ضد. وقد وردت هذه الكلمة في «الأصول» محرّفة. وانجاب: انشق.
(٧) تعدي: تعين. والحرف هنا: الناقة الصلبة الضامرة، شبهت بحرف الجبل في الصلابة.
(٨) كذا في «ج» وكتاب «منتهى الطلب». وفي «ب، س»: «كركب الرعن» وفي «أ، م»: «كرعب الرعن» وهو تحريف. والرعن الجبل الطويل، وأنف يتقدم الجبل. وذعلبة: سريعة.
(٩) في «منتهى الطلب»: «مداخلة الفقارة ذات لوث». واللوث هنا: القوة.
(١٠) كذا في «ج» و «منتهى الطلب». والحزان (بالضم وبالكسر): جمع حزيز وهو المكان الغليظ المنقاد. وفي «أ، م»: «الحران» بالراء المهملة وهو تصحيف. وفي «ب، س»: «الحرات». جمع حرة وهي أرض ذات حجارة نخرة سود كأنها أحرقت النار. ومن معاني المقحم: البعير الذي يسير في المفازة من غير راع ولا سائق. ولعل المراد بمقحمة هنا أنها تلقي بنفسها في السير من غير روية.
وغشوم: يريد أنها جريئة ماضية تركب رأسها إذا سارت لا يثنيها شيء عن هواها.
(١١) الجأب (بالهمز وقد تسهل همزته): الغليظ الصلب من الحمر الوحشية والثيران الوحشية. وتشبيه الناقة بالحمار الوحشي أو الثور الوحشي في القوة والصلابة كثير مستغيض في الشعر العربي القديم.
(١٢) الحاذ: ضرب من الشجر واحده حاذة، والحاذ: موضع بنجد. قال طرفه بن العبد:
حيثما قاظوا بنجد وشتوا ... حول ذات الحاذ من ثنى وقر