شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها
  فعقل(١) توبة وعقل الآخرين معاقل العرب مائة من الإبل، فأدّتها بنو عامر. قال: فخرجت بنو عوف بن عامر قتله توبة / فلحقوا بالجزيرة، فلم يبق بالعالية(٢) منهم أحد، وأقامت بنو ربيعة بن عقيل وعروة بن عقيل وعبادة بن عقيل(٣) بمكانهم بالبادية.
  رواية أبي عبيدة عن مزرّع في مقتله وسببه:
  قال أبو عبيدة وحدّثنا مزرّع(٤) بن عمرو بن همّام - قال أبو عبيدة: وكان مع أبو الخطَّاب وغيره - قال: توبة ابن حميّر بن ربيعة بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل، وأمّه زبيدة. فهاج بينه وبين السّليل بن ثور بن أبي سمعان بن عامر ابن عوف بن عقيل كلام، وكان شرّيرا ونظير توبة في القوّة والبأس، فبلغ الحور(٥) (وهو الكلام) إلى أن أوعد كلّ واحد منهما صاحبه، فالتقى بعد ذلك توبة والسّليل على غدير من ماء السماء، فرمى توبة السليل فقتله. ثم إنّ توبة أغار ثانية على إبل بني السّمين بن كعب بن عوف بن عقيل واردة ماءهم فاطَّردها. واتبعوه وهم سبعة نفر: يزيد بن رويبة، وعبد اللَّه بن سالم، ومعاوية بن عبد اللَّه - قال أبو عبيدة: ولم يذكر غير هؤلاء - فانصرفوا يجنبون(٦) الخيل يحملون المزاد، فقصّوا أثر توبة وأصحابه فوجدوهم وقد أخذوا في المضجع من أرض بني كلاب في أرض دمثة(٧) تربة، فضلَّت فرس توبة الخوصاء من اللَّيل، فأقام واضطجع حتى أصبح، وساق أصحابه الإبل، وهم ثلاثة نفر سوى توبة: المحرز أحد بني عمرو بن كلاب، وقابض(٨) بن أبي عقيل أحد بني خفاجة، وعبد اللَّه بن حميّر أخو توبة لأمّه وأبيه. فلمّا / أصبح توبة إذا فرسه الخوصاء راتعة أدنى ظلم(٩) قريبة(١٠) منه ليس دونها وجاح(١١) فأشلاها(١٢) حتى أتته، ثم خرج يعدو حتى لحق بأصحابه، فانتهوا إلى هضبة بكبد المضجع، فارتقى توبة فوقها ينظر الطَّلب(١٣)، فرآه القوم ولم يرهم عند طلوع الشمس، وبالت الخوصاء حين انتهت إلى الهضبة، فقال القوم: إنه لطائر أو إنسان. فركب يزيد بن رويبة وكان أحدث القوم سنّا، وأمّه بنت عمّ توبة، فأغار ركضا حتى انتهى إلى الهضبة، فإذا بول الفرس وعليه بقيّة من رغوته، وإذا أثر توبة يعرفونه، فرجع فخبّر أصحابه. واندفع توبة وأصحابه حتى نزلوا إلى طرف هضبة يقال لها الشّجر من أرض بني / كلاب، فقالوا بالظَّهيرة، فلم يشعر شعره إلَّا والإبل قد نفرت، وكانت بركا(١٤) بالهاجرة، من وئيد(١٥) الخيل. فوثب توبة، وكان لا يضع السيف، فصبّ الدّرع على السيف
(١) عقل فلانا: وداه أي دفع ديته.
(٢) العالية: اسم لكل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها إلى تهامة، وما كان دون ذلك من جهة تهامة فهي السافلة.
(٣) في «الأصول»: «عبادة بن مقعل» وهو تحريف.
(٤) تقدّم في صفحة ٢١٨: «مزرّع بن عبد اللَّه بن همام».
(٥) الحور: الاسم من المحاورة. يقال: إن فلانا لضعيف الحور، أين المحاورة، وهي المراجعة في الكلام.
(٦) جنب الدابة: قادها إلى جنبه. وفي «الأصول»: «يجيبون» وهو تصحيف.
(٧) في «الأصول»: «دمنة» وهو تصحيف. والأرض الدمثة: السهلة اللينة.
(٨) كذا في «ج». وفي «سائر الأصول» هنا: «قابض بن عقيل». (راجع الحاشية رقم ٦ من صفحة ٢١٧ من هذا الجزء طبعة دار الكتب).
(٩) أدنى ظلم أي أدنى شيء. وقد شرح المؤلف هذه الكلمة فيما تقدّم (صفحة ٧٩ من هذا الجزء طبعة دار الكتب).
(١٠) في «ج»: «قريبا منه».
(١١) الوجاح (مثلث الأوّل): الستر. وفي «الأصول»: «وجاج» بجيمين وهو تصحيف.
(١٢) أشلى الدابة: دعاها إليه.
(١٣) الطلب هنا: جمع لطالب.
(١٤) البرك هنا: جماعة الإبل الباركة، الواحد بارك والأنثى باركة.
(١٥) الوئيد هنا: الصوت العالي الشديد.