كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

شعر ليلى ونسبها وخبر توبة بن الحمير معها

صفحة 149 - الجزء 11

  متقلَّده وهلا، وداجت⁣(⁣١) القوم، فطلب قائم السيف فلم يقدر عليه تحت الدّرع فلم يستطع سلَّه، فطار إلى الرّمح فأخذه، فأهوى به طعنا إلى يزيد بن رويبة، وقد كان يزيد عاهد اللَّه ليقتلنّه أو ليأخذنّه، فأنفذ فخذ يزيد، واعتنقه يزيد فعضّ بوجنتيه، واستدبره عبد اللَّه بالسيف ففلق رأس توبة. وهيّت⁣(⁣٢) توبة حين اعتوره الرجلان بقابض: يا قابض فلم يلو عليه، وفرّ قابض [و] الكلابيّ، وذبّ عبد اللَّه / بن حميّر عن أخيه؛ فأهوى له معاوية بن عبد اللَّه بالسيف فأصاب ركبته فاختلعت (أي سقطت). فأتى قابض من فوره ذلك عبد العزيز بن زرارة أحد بين أبي بكر بن كلاب فقال: قتل توبة. فنادى في قومه، فجاءه أبوه زرارة فقال: أين تريد؟ فقال: قتل توبة. فقال أبوه طوط⁣(⁣٣) سحقا لك! أتطلب بدم توبة أن قتلته بنو عقيل ظالما لها باغيا عاديا عليها! قال لكنّي أجنّه⁣(⁣٤) إذا. قال أبوه. أمّا هذه فنعم. فألقى السّلاح وانطلق حتى أجنّه، وحمل أخاه عبد اللَّه بن حميّر. قال: فأهل البادية يزعمون أنّ محرزا سحر فأخذ عن سيفه. فقالت ليلى الأخيلية بنت عبد اللَّه بن الرحّالة بن شدّاد بن كعب بن معاوية فارس الهرّار ابن عبادة بن عقيل:

  رثت ليلى توبة بعدّة قصائد:

  نظرت وركن من ذقانين دونه ... مفاوز حوضي⁣(⁣٥) أيّ نظرة ناظر

  / لأونس⁣(⁣٦) إن لم يقصر الطَّرف عنهم⁣(⁣٧) ... فلم تقصر الأخبار والطَّرف قاصري

  فوارس أجلي شأوها عن عقيرة ... لعاقرها فيها عقيرة عاقر

  شأوها⁣(⁣٨): سرعتها وهو الطَّلق وجريها، وقال غيره: غايتها. عقيرة: تعني توبة. لعاقرها: تعني لعاقر توبة، تريد


(١) كذا في «أكثر الأصول». وفي «ج»: «ودامت القوم». وظاهر أن فيه تحريفا، ويحتمل أن يكون صوابه: «وزاحف القوم» أو «وواجه القوم» أو ما يشبه ذلك، ويحتمل أن يكون محرفا عما يدل على القدوم أو الهجوم على أن يكون «القوم» فاعلا.

(٢) هيت بفلان: صاح به ودعاه.

(٣) كذا وردت هذه الكلمة في «أكثر الأصول». وفي «ج»: «ظوط» بظاء معجمة في أوله فطاء مهملة في آخره. ولم نجد في معاني هذه الكلمة ما يناسب المقام هنا. والظاهر من السياق أن المراد بها التهكم به، أو لعلها من زيادات النساخ.

(٤) أجنه: كفنه وستره.

(٥) وردت هذه الكلمة محرّفة في «الأصول»، بين «دفانين» و «دفاتين». و «دنانين». والتصويب من «معجم ما استعجم». وذقان (بكسر الذال) اسم جبل، وهما جبلان أحدهما لبني عمرو بن كلاب، والآخر لبني أبي بكر بن كلاب. (راجع «معجم ما استعجم» للبكري). ورواية هذا البيت في «منتهى الطلب من أشعار العرب»:

نظرت ودوني من عماية منكب ... وبطن الركاء أي نظرة ناظر

وفي «الكامل» للمبرد (طبعة أوروبا):

نظرت وركن من بوانة دوننا ... وأركان حسمي أي نظرة ناظر

ويجوز في «أي نظرة ناظر» النصب والرفع، فالنصب على أنه معمول لنظرت، أي نظرت أيّ نظرة ناظر، ومعناه نظرت نظرة كاملة، كما تقول أنت رجل أي رجل، أي أنت رجل كامل في الرجولية. والرفع على القطع والابتداء والمخرج مخرج استفهام، وتقديره أي نظرة هي، كما تقول سبحان اللَّه أي رجل زيد. (راجع «الكامل» للمبرد). وحوضي هنا: نجد من منازل بني عقيل، وحوضي أيضا: ماء لبني طهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن بن قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب إلى جنب جبل في ناحية الرمل. (راجع «معجم البلدان»).

(٦) في «ب، س»: «لآنس» وهو تحريف.

(٧) في «منتهى الطلب»: «دونهم».

(٨) الذي في «لسان العرب». «الشأو: الطلق والشوط، والشأو: الغاية والأمد».