ذكر الأقيشر وأخباره
  وكان أبو العريان على الشّرطة، فخافه الأقيشر من هجاء ابنه. وبلغ الهيثم هذه الأبيات فبعث إليه بخمسمائة درهم وسأله الكفّ عن ابنه وألَّا يشهّره(١)، فأخذها وفعل.
  خطب رجل من حضر موت امرأة من بني أسد وسأله عنها فهجاه:
  قال أبو عمرو: وخطب رجل من حضر موت امرأة من بني أسد، فأقبل يسأل عنها وعن حسبها وأمّهاتها، حتى جاء الأقيشر فسأله عنها. فقال له: من [أين(٢)] أنت؟ قال: من حضر موت. / فأنشأ يقول:
  /
  حضر موت فتّشت أحسابنا ... وإلينا حضر موت تنتسب
  إخوة القرد وهم أعمامه ... برئت منكم إلى اللَّه العرب
  طلبت إليه عمته أن يصلي فقال اختاري إما الصلاة أو الوضوء:
  أخبرني الحسن بن عليّ عن أبي أيّوب المدينيّ قال قال أبو طالب الشاعر حدّثني رجل من بني أسد قال:
  سمعت عمّة الأقيشر تقول له يوما: اتّق اللَّه وقم فصلّ، فقال: لا أصلَّي. فأكثرت عليه، فقال: قد أبرمتني، فاختاري خصلة من خصلتين. إمّا أن أصلَّي ولا أتطهّر، وإمّا أن أتطهّر ولا أصلَّي. قالت: قبحك اللَّه! فإن لم يكن غير هذا فصّلّ بلا وضوء.
  جاءه شرطي وهو يشرب فخافه وسقاه بأنبوب من ثقب الباب:
  قال أبو أيّوب: وحدّثت أنه شرب يوما في بيت خمّار بالحيرة، فجاء شرطيّ من شرط الأمر ليدخل عليه، فغلَّق الباب دونه. فناداه الشّرطيّ اسقني نبيذا وأنت آمن. فقال: واللَّه ما آمنك، ولكن هذا ثقب في الباب فاجلس عنده وأنا أسقيك منه، ثم وضع له أنبوبا من قصب في الثّقب وصبّ فيه نبيذا من داخل والشرطيّ يشرب من خارج الباب حتّى سكر. فقال الأقيشر:
  سأل(٣) الشّرطيّ أن نسقيه ... فسقيناه بأنبوب القصب
  إنما نشرب من أموالنا ... فسلوا الشّرطيّ ما هذا الغضب
  أعطاه قيس بن محمد مالا ونجمه له فكرر ذلك مرارا فرده فهجاه:
  أخبرني عمّي عن الكرانيّ عن قعنب بن المحرز، وحدّثنا(٤) محمد بن خلف عن أبي أيّوب المدينيّ عن قعنب(٥) بن الهيثم بن عديّ قال:
  كان قيس بن محمد بن الأشعث ضرير البصر، فأتاه الأقيشر فسأله، فأمر قهرمانة(٦) فأعطاه ثلاثمائة درهم،
(١) كذا في ج. وفي «سائر الأصول»: «والاستهزاء» وهو تحريف.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) في «ب، س»: «سألني».
(٤) في «أكثر الأصول»: «قال حدّثنا محمد بن خلف ...». والتصويب من ج. والمؤلف يروي كثيرا عن محمد بن خلف وكيع عن أبي أيوب المديني.
(٥) لم نجد هذا الاسم في الرواة. ويخيل إلينا أن في السند تحريفا.
(٦) القهرمان: الوكيل أو أمين الدخل والخرج.