كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الأقيشر وأخباره

صفحة 180 - الجزء 11

  تريك القذى من دونها وهي دونه ... لوجه أخيها في الإناء قطوب

  كميت إذا فضّت وفي الكأس وردة ... لها في عظام الشاربين دبيب

  فقال له: أحسنت يا أبا معرض! ولقد أجدت وصفها، وأظنّك قد شربتها، فقال: واللَّه يا أمير المؤمنين إنه ليريبني منك معرفتك بهذا.

  قصة له مع بعض ندمائه في حانة:

  أخبرني الحسن بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن ابن الكلبيّ عن رجل من الأزد قال:

  كان الأقيشر يأتي إخوانا له يسألهم فيعطونه، فأتى رجلا منهم فأمر له بخمسمائة درهم، فأخذها وتوجّه إلى الحانة ودفعها إلى صاحبها وقال له: أقم لي ما أحتاج إليه ففعل ذلك، وانضمّ إليه رفقاء له، فلم يزل معهم حتى نفدت الدّراهم، فأتاهم بعد إنفاقها بيوم ثم أتاهم من غد فاحتملوه، فلمّا أتاهم في اليوم الثالث نظر إليه أصحابه من بعيد فقالوا لصاحب الحانة: أصعدنا إلى غرفتك هذه وأعلم الأقيشر أنّا لم نأت اليوم. فلمّا جاء الأقيشر أعلمه ما قالوه له. فعلم الأقيشر أنه لا فرج له عند صاحب / الحانة إلا برهن، فطرح إليه ثيابه وقال له: أقم لي ما أحتاج إليه ففعل. فلما أخذ فيه الشراب أنشأ يقول:

  يا خليليّ اسقيناني كأسا ... ثم كأسا حتّى أخرّ نعاسا

  إنّ في الغرفة التي فوق رأسي ... لأناسا يخادعون أناسا

  يشربون المعتّق الراح صرفا ... ثم لا يرفعون بالزّور رأسا

  / فلمّا سمع أصحابه هذا الشعر فدّوه بآبائهم وأمّهاتهم ثم قالوا له: إمّا أن تصعد إلينا أو ننزل إليك، فصعد إليهم.

  قصته مع عمه وبشر بن مروان حين مدح بشرا فوصله:

  أخبرني الحسن بن عليّ عن ابن مهروية قال حدّثني أبو مسلم المستملي عن المدائني قال:

  مدح الأقيشر بشر بن مروان ودخل إليه فأنشده القصيدة⁣(⁣١) وعنده أيمن بن خزيم بن فاتك الأسديّ، فقال أيمن: هذا واللَّه كلام حسن من جوف خرب. فأجابه بالبيت⁣(⁣١) المذكور. وقال أبو عمرو أيضا في خبره: فلمّا صار الأقيشر إلى منزله بعث عمّه فأخذ منه الألف الدّرهم وقال: واللَّه لا أخلَّيك تفسدها وتشرب بها الخمر. قال: فتصنع بها ماذا؟ قال: أكسوك واكسو عيالك وأعدّ لك قوت عامك. فتركه ودخل على بشر فقال له:

  أبلغ أبا مروان أنّ عطاءه ... أزاغ⁣(⁣٢) به من ليس لي بعيال

  قال: ومن ذلك؟ فأخبره الخبر. فأمر صاحب شرطته أن يحضر عمّه وينتزع منه الألف الدرهم ويسلَّمها إليه، وقال:

  خذها ونحن نقوم لعيالك بما يصلحهم.

  مدح خمارة بشعر داعر فسرّت به:

  أخبرني هاشم بن محمد عن أبي غسّان دماذ عن أبي عبيدة قال:


(١) سياق هذا الخبر يدل على أن في الكلام سقطا من النساخ؛ فإن الكلام كله هاهنا مضطرب.

(٢) كذا في «الأصول»!.