أخبار علوية ونسبه
  ما هكذا عاهدتنا(١) في منى ... ما أنت إلَّا ساحر تخلب
  حلفت لي باللَّه لا تبتغي ... غيرك ما عشت ولا نطلب(٢)
  / قال: وقام عبد الصمد الهاشميّ ليبول. فقال علَّويه: كلّ شيء قد عرفت معناه: أمّا أنت فصديق الجماعة، وهذا يتعشّق هذه، وهذا مولاها، وأنا ربّيتها وعلَّمتها، وهذا الهاشميّ أيش معناه!. فقلت لهم: دعوني أحكَّه(٣) وآخذ لزلبهزة منه شيئا. فقال: لا واللَّه ما أريد. فقلت له: أنت أحمق، أنا آخذ منه شيئا لا يستحي القاضي من أخذه.
  فقال: إن كان هكذا فنعم. فقلت له إذا جاء عبد الصمد فقل لي: ما فعل الآجرّ الذي وعدتني به، فإنّ حائطي قد مال وأخاف أن يقع، ودعني والقصّة. / فلمّا جاء الهاشميّ قال لي زلبهزة ما أمرته به، فقلت: ليس عندي آجرّ، ولكن اصبر(٤) حتّى أطلب لك من بعض أصدقائي، وجعلت أنظر إلى الهاشميّ نظر متعرّض به. قال الهاشمي: يا غلام دواة ورقعة، فأحضر ذلك. فكتب له بعشرة آلاف آجرّة إلى عامل له، وشربنا حتّى السّحر وانصرفنا. فجئت برقعته إلى الآجري ثم قلت: بكم تبيعه الآجرّ؟ فقال: بسبعة وعشرين درهما الألف. قلت: فبكم تشتريه منّي؟ قال:
  بنقصان ثلاثة دراهم في الألف. فقلت: فهات، فأخذت منه مائتين وأربعين درهما، واشتريت منها نبيذا وفاكهة وثلجا ودجاجا بأربعين درهما، وأعطيت زلبهزة مائتي درهم وعرّفته الخبر، ودعونا علَّويه والهاشمي وأقمنا عند زلبهزة ليلتنا الثانية. فقال علَّوية: نعم! الآن صار للهاشميّ عندكم موضع ومعنى.
  هو مصلى كل سابق في الصنعة والضرب وطيب الصوت:
  أخبرني جحظة قال حدّثني أحمد بن حمدون قال حدّثني أبي قال:
  قال لنا الواثق يوما: من أحذق الناس بالصّنعة؟ قلنا إسحاق. قال: ثم من؟ قلنا: علَّويه. قال: فمن أضرب الناس؟ قلنا: ثقيف(٥). قال: ثم من؟ قلنا: علَّويه. قال: فمن أطيب الناس صوتا؟ قلنا: مخارق. قال ثم من؟
  قلنا: علَّويه. قال: اعترفتم له بأنه مصلَّي كلّ سابق، وقد جمع الفضائل كلَّها وهي متفرّقة فيهم، فما ثمّ ثان لهذا الثالث(٦).
  غنى المأمون في دمشق بما أسرّه فغضب عليه وشتمه:
  وحدّثني جحظة قال حدّثني محمد بن أحمد المكيّ المرتجل قال حدّثني أبي قال:
  دخلت إلى علَّويه أعوده من علَّة اعتلَّها ثم عوفي منها، فجرى حديث المأمون، فقال لي: كدت - علم اللَّه - أذهب دفعة ذات يوم وأنا معه لولا أنّ اللَّه تعالى / سلمني ووهب لي حلمه. فقلت: كيف كان السبب في ذلك؟
(١) في أ، م: «عاهدتني».
(٢) ورد هذا الشطر في ج محرّفا هكذا:
غير ما عشت ولا تطلب
وأحسب أنه محرّف عن رواية فيه تكون هكذا.
... لا تبتغي ... غيري ما عشت ولا تطلب
(٣) أحكه، يريد: أحتك به وأتعرض له.
(٤) في الأصول: «اصبر لي» بزيادة «إلي». وليست في «مختصر الأغاني».
(٥) في الأصول هنا: «ثقف» والتصويب مما تقدّم في «الأغاني» ج ٥ ص ٣٥٢ من طبعة دار الكتب.
(٦) في الأصول الخطية: «فها ثم ثان لهذا الثالث ...» وظاهر أن في هذه العبارة تحريفا.