كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علوية ونسبه

صفحة 243 - الجزء 11

  الناس حتّى انتهيا إلى ذكر الغناء، فسألني عمّا يتشاغل⁣(⁣١) الناس من الأصوات المستجادة⁣(⁣٢). فقلت له: تركت الناس كلَّهم مغرمين بصوت لك. قال: وما هو؟ فقلت:

  ألا يا حمامي قصر دوران هجتما

  فقال: ليس ذلك لي، ذاك لعلَّويه. وقد لعمري أحسن فيه وجوّد ما شاء.

  قال المأمون أبياتا فغناه فيها فوصله:

  أخبرني جعفر بن قدامة قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك الخزاعيّ قال حدّثني علَّويه قال:

  خرج المأمون يوما ومعه أبيات قد قالها وكتبها في رقعة بخطَّه، وهي:

  صوت

  خرجنا إلى صيد الظَّباء فصادني ... هناك غزال أدعج العين أخور

  غزال كأنّ البدر حلّ جبينه ... وفي خدّه الشّعرى المنيرة تزهر

  فصاد فؤادي إذ رماني بسهمه ... وسهم غزال الإنس طرف ومحجر

  / فيا من رأى ظبيا يصيد ومن رأى ... أخا قنص يصطاد قهرا ويقسر

  قال: فغنّيته [فيها⁣(⁣٣)]، فأمر لي بعشرة آلاف درهم.

  قال أبو القاسم جعفر بن قدامة: لحن علَّويه في هذا الشعر ثقيل أوّل ابتداؤه نشيد.

  غنى في مجلس الرشيد بما أغضبه عليه:

  أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثني حمّاد عن أبيه قال: غنّيت الرشيد يوما:

  هما فتاتان لمّا يعرفا خلقي ... وبالشّباب على شيبي يدلَّان

  فطرب وأمر لي بألف دينار. فقال له ابن جامع - وكان أحسد الناس -: اسمع غناء العقلاء ودع غناء المجانين - وكنت أخذت هذا الصوت من مجنون بالمدينة كان يجيده - ثم غنّى قوله:

  ولقد قالت لأتراب لها ... كلمها يلعبن في حجرتها

  خذن عني الظَّلّ لا يتبعني ... وغدت تسعى إلى قبّتها

  فطرب وأمر له بألف وخمسمائة دينار. ثم تغنّى وجه القرعة:

  يمشون فيها بكلّ سابغة ... أحكم فيها القتير والحلق⁣(⁣٤)

  فاستحسنه وشرب عليه وأمر له بخمسمائة دينار. ثم تغنّى علَّويه:


(١) كذا في «ب، س». و «يتشاغل» فعل لازم فالكلام به غير مستقيم. وفي «ج» هكذا: «يتشام» وفي «أ، م» هكذا: «يشاءم». وقد تقدم هذا الخبر نفسه في صفحة ٣٣٥، وفيه: «فقال أي شيء رأيت الناس يستحسنونه في هذه الأيام من الأغاني ... إلخ».

(٢) في «ج»: «المستحدة».

(٣) زيادة يقتضيها السياق.

(٤) الدرع السابغة: التي تجر في الأرض أو على الكعبين لطولها وسعتها. والقتير: مسامير الدرع.