كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب إسماعيل بن عمارة وأخباره

صفحة 257 - الجزء 11

  لا تغفلونا بني أخي فلقد ... أصبحت لا أبتغي بكم بدلا

  تمسّكوا بالَّذي امتسكت به ... فإنّ خير الإخوان من وصلا

  قال: فكتب إليه ابن أخيه:

  يا عمّ عوفيت من عذابهم النّ ... كر وفارقت سجنهم عجلا

  كتبت تشكو بني أخيك وقد ... أرسل من كان قبلنا مثلا

  «أبدأهم بالصّراخ ينهزموا⁣(⁣١)» ... فأنت يا عمّ تبتغي العللا

  زعمت أنّا نرى بلاءك في ... دار بلاء مكبّلا جللا

  يا عمّ بئس الفتيان نحن إذا ... أمّا وفي رجلك الكبول فلا

  عليّ إن كنت صادقا حجّ ... للبيت عامين حافيا رجلا

  بعّد عنك الهموم فارج من ال ... لَّه خلاصا وأحسن الأملا

  أطلقه الحكم بن الصلت من السجن وشعره فيه حين عزل:

  قال: ثمّ ولي الحكم بن الصّلت فأطلقه وأحسن إليه، فلم يزل يشكره ويمدحه. ثم عزل الحكم بعد ذلك، فقال إسماعيل فيه:

  تبارك اللَّه كيف أوحشت ال ... كوفة أن⁣(⁣٢) لم يكن بها الحكم

  الحكم العدل في رعيّته ال ... كامل فيه⁣(⁣٣) العفاف والفهم

  / فأصبح القصر⁣(⁣٤) والسّريران وال ... منبر⁣(⁣٥) كالكل⁣(⁣٦) من أب يتم⁣(⁣٧)

  يذري عليه السرير عبرته ... والمبتر المشرفيّ يلتدم⁣(⁣٨)

  والناس من حسن سيرة الحكم ب ... ن الصّلت يبكون كلَّما ظلموا

  مثل السّكارى في فرط وجدهم ... إلَّا عدوّا عليه يتّهم

  يوم جرى طائر النّحوس لهم ... ينزع منه القرطاس والقلم


(١) أصل هذا المثل: «ابدأهم بالصراخ يفروا». أصله أن يكون الرجل قد أساء إلى الرجل فيتخوف لائمة صاحبه فيبدؤه بالشكاية والتجني ليرضى عنه بالسكوت. يضرب للظالم يتظلم ليسكت عنه.

(٢) كذا في «ج». وفي «سائر الأصول»: «إذ لم يكن».

(٣) في «ج»: «منه».

(٤) في «الأصول»: «القبر». ولعل ما أثبتناه أقرب كلمة يستقيم بها المعنى مع قربها في الرسم مما في «الأصول».

(٥) ما ورد في البيت الذي يليه يرجح أن يكون «المبتر» وهو السيف.

(٦) كذا في «الأصول». ولعله: «فالكل» على ما في هذا من ضعف.

(٧) اليتم (بالتحريك): لعله مصدر وصف به هنا.

(٨) المشرفيّ من السيوف: المنسوب إلى المشارف وهي قرى من أرض اليمن، وقيل: من أرض العرب تدنو من الريف. واللدم والالتدام: ضرب المرأة صدرها أو وجهها من الحزن.