كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب إسماعيل بن عمارة وأخباره

صفحة 258 - الجزء 11

  فأرغم اللَّه حاسديه كما ... أرغم هود⁣(⁣١) القرود إذ رغموا

  في سبتهم يوم كأب خطبهم ... واللَّه ممّن عصاه ينتقم

  إنا إلى اللَّه راجعون أما ... للنّاس عهد يوفى ولا ذمم

  حول علينا، وليلتان لنا ... من لذّة العيش، بئسما حكموا

  لا حكم إلَّا للَّه يظهره ... يقضي لضيزائها⁣(⁣٢) الَّتي قسموا

  ماذا ترجّي من عيشها مضر ... إن كان من شأنها الَّذي زعموا

  ذم ولاية خالد القسريّ:

  وقال ابن حبيب: سمع إسماعيل بن عمّار رجلا ينشد أبياتا للفرزدق يهجو بها عمر بن هبيرة الفزاريّ لمّا ولي العراق ويعجب من ولايته إيّاها، وكان خالد القسريّ قد ولي في تلك الأيّام العراق، فقال إسماعيل: أعجب واللَّه مما عجب منه الفرزدق من ولاية ابن هبيرة، [وهو⁣(⁣٣)] ما لست أراه يعجب منه، ولاية خالد القسريّ وهو مخنّث دعيّ ابن دعيّ، ثم قال:

  عجب الفرزدق من فزارة أن رأى ... عنها أميّة بالمشارق تنزع

  / فلقد رأى عجبا وأحدث بعده ... أمر تطير له القلوب وتفزع

  بكت المنابر من فزارة شجوها ... فالآن من قسر تضجّ وتجزع

  فملوك خندف أضرعونا⁣(⁣٤) للعدا ... للَّه درّ ملوكنا ما تصنع

  كانوا كقاذفة بينها ضلَّة ... سفها وغيرهم تربّ وترضع

  شعر له في عينه وقلبه:

  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا عبد اللَّه بن سعيد بن أسيد العامريّ قال حدّثني محمد بن أنس الأسديّ قال:

  شعر له في عينه وقلبه:

  جلست إلى إسماعيل بن عمّار، وإذا هو يفتل أصابعه متأسّفا، فقلت: علام هذا التأسّف والتلهّف؟

  فقال:

  عيناي مشؤمتان ويحهما ... والقلب حرّان مبتلى بهما


(١) الهود: اليهود. وهو القرود: هم أهل القرية التي كانت حاضرة البحر، وكانت تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، وكان محرما عليهم الصيد أو العمل في يوم السبت. فلما أخذوا يعدون في السبت وعتوا عما نهوا عنه، قال لهم اللَّه:

{كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ}. وأرغم اللَّه فلانا: أذله. ورغم فلان، أو رغم أنف فلان: ذل. وفي «بعض الأصول»: «إذ زعموا».

(٢) الضيزي: القسمة الجائزة غير العدل. وهي مقصورة، ومدها هنا للضرورة.

(٣) زيادة يقتضيها سياق الكلام.

(٤) أضرعونا: أذلونا وأخضعونا.