كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأعشى وبني عبد المدان وأخبارهم مع غيره

صفحة 274 - الجزء 12

  الحارث بن كعب. وقال ابن جفنة لأصحابه: ما كانت يميني لتفي إلا بقتله أو هبته لرجل من بني الديّان؛ فإنّ يميني كانت على هذين الأمرين. فعظم بذلك يزيد في عين أهل الشأم⁣(⁣١) ونبه ذكره وشرف.

  استغاث هوازني يزيد في فلك أسر أخيه فأغاثه

  وقال ابن الكلبيّ في هذه الرواية عن أبيه: جاور رجلان من هوازن، يقال لهما عمرو وعامر، في بني مرّة بن عوف بن ذبيان، وكانا قد أصابا دما في قومهما. ثم إنّ قيس بن عاصم المنقريّ أغار على بني مرّة بن عوف بن ذبيان، فأصاب عامرا أسيرا في عدّة أسارى كانوا عند بني مرّة، ففدى كلّ قوم أسيرهم من قيس بن / عاصم وتركوا الهوازنيّ، فاستغاث أخوه بوجوه بني مرّة: سنان بن أبي حارثة والحارث بن عوف والحارث بن ظالم وهاشم بن حرملة والحصين بن الحمام فلم يغيثوه، فركب إلى موسم عكاظ، فأتى منازل مذحج ليلا فنادى:

  دعوت سنانا وابن عوف وحارثا ... وعاليت دعوى بالحصين وهاشم

  أعيّرهم⁣(⁣٢) في كلّ يوم وليلة ... بترك أسير عند قيس بن عاصم

  حليفهم الأدنى وجار بيوتهم ... ومن كان عما سرّهم غير نائم

  فصمّوا وأحداث الزمان كثيرة ... وكم في بني العلَّات⁣(⁣٣) من متصامم

  فيا ليت شعري من لإطلاق غلَّه ... ومن ذا الذي يحظى به في المواسم

  قال: فسمع صوتا من الوادي ينادي بهذه الأبيات:

  ألا أيّهذا الَّذي لم يجب ... عليك بحيّ يجلَّي الكرب

  عليك بذا الحيّ من مذحج ... فإنّهم للرّضا والغضب

  / فناد يزيد بن عبد المدان ... وقيسا وعمرو بن معديكرب

  يفكَّوا أخاك بأموالهم ... وأقلل بمثلهم في العرب

  أولاك الرؤوس فلا تعدهم ... ومن يجعل الرأس مثل الذّنب!

  قال: فاتبّع الصوت فلم ير أحدا، فغدا على المكشوح، واسمه قيس بن عبد يغوث المراديّ، فقال له: إنّي وأخي رجلان من بني جشم بن معاوية أصبنا دما في قومنا، وإنّ قيس بن عاصم أغار على بني مرّة وأخي فيهم مجاور فأخذه أسيرا، فاستغثت بسنان بن أبي حارثة والحارث بن عوف والحارث بن ظالم وهاشم بن حرملة فلم يغيثوني. فأتيت الموسم لأصيب به من يفكّ أخي، فانتهيت إلى منازل مذحج، / فناديت بكذا وكذا، فسمعت من الوادي صوتا أجابني بكذا وكذا، وقد بدأت بك لتفكّ أخي. فقال له المكشوح: واللَّه إنّ قيس بن عاصم لرجل ما قارضته معروفا قطَّ ولا هو لي بجار، ولكن اشتر أخاك منه وعليّ الثمن، ولا يمنعك غلاؤه⁣(⁣٤). ثم أتى عمرو بن


(١) في ط، ج، م: «فعظم بذلك يزيد في يمن الشام».

(٢) كذا في ط، ج، م. وفي سائر الأصول: «أعيذهم» وهو تحريف.

(٣) بنو العلات: بنو أمهات شتى من أب واحد.

(٤) في ط، م: «ولا يمنعنك منه غلاء».