كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار معن بن أوس ونسبه

صفحة 309 - الجزء 12

  ومن معها. فلمّا فرغا من حجّهما انصرفا، فلمّا حاذيا منعرج الطريق إلى عمق قال معن: يا ليلى، كأن فؤادي⁣(⁣١) ينعرج إلى ما هاهنا. فلو أقمت سنتنا هذه حتّى نحجّ من قابل ثم نرحل إلى البصرة! فقالت: ما أنا ببارحة مكاني حتّى ترحل معي إلى البصرة أو تطلَّقني. فقال: أمّا إذ ذكرت الطلاق فأنت طالق. فمضت إلى البصرة⁣(⁣٢)، ومضى إلى عمق، فلمّا فارقته وتبعتها⁣(⁣٣) نفسه؛ فقال في ذلك:

  /

  توهّمت ربعا بالمعبّر⁣(⁣٤) واضحا ... أبت قرّتاه⁣(⁣٥) اليوم إلَّا تراوحا

  أربّت عليه⁣(⁣٦) رادة حضر ميّة ... ومرتجز كأنّ فيه المصابحا

  إذا هي حلَّت كربلاء فلعلعا ... فجوز العذيب دونها⁣(⁣٧) فالنّوابحا⁣(⁣٨)

  وبانت⁣(⁣٩) نواها من نواك وطاوعت ... مع الشّانئين⁣(⁣١٠) الشامتات الكواشحا

  فقولا لليلى هل تعوّض نادما ... له رجعة قال الطلاق ممازحا

  فإن هي قالت لا فقولا لها بلى ... ألا تتّقين الجاريات⁣(⁣١١) الذّوابحا

  / وهي قصيدة طويلة. فلمّا انصرف وليست ليلى معه قالت له امرأته أمّ حقّة: ما فعلت ليلى؟ قال: طلَّقتها.

  قالت واللَّه لو كان فيك خير ما فعلت ذلك، فطلَّقني أنا أيضا. فقال لها معن:


(١) في أكثر الأصول: «كأن الغوادي ينعرجن إلى هاهنا». والتصويب من ط، م، ف.

(٢) هكذا في ط، م، ف. ومكانه في سائر الأصول: «فطلقها ومضى إلى عمق. فلما فارقته ...».

(٣) ف ط، م، ف: «وتتبعتها».

(٤) في ف: «بالمغمس». ومعبر، قال أبو عبيد البكري في معجمه: بواحدة مكسورة مشدّدة، موضع تلقاء الوتدات من البقيع؛ قال طفيل:

أفدّية بالأم الحصان وقد حبت ... من الوتدات لي حبال معبّر

والحبال: حبال الرمل. يقول: ارتفعت له ولاحت هذه الحبال وهو بالوتدات. وفي «معجم البلدان» أنه جبل من جبال الدهناء، ثم ذكر أربعة أبيات من هذه القصيدة.

(٥) قرتاه: الغداة والعشي. وفي صلب ف وهامش ط: «قرتاه: برداه، أوّله وآخره». وفي ب، س: «قرناه اليوم أن لا» تحريف.

(٦) كذا في ط، م، ف و «معجم البلدان». ومرجع الضمير الربع. وفي سائر الأصول: «عليها». وأربت: أقامت. ورادة هنا: سحابة طوافة ترود وتجول. وحضرمية: منسوبة إلى حضرموت، أي تقبل من الجنوب. ومرتجز: سحاب يتتابع صوت رعده. وكأن فيه المصابح، لما يبدو فيه من لمعان البرق. يدعو للربع بالسقيا. ويقال مصباح ومصابيح ومصابح، بحذف الياء، كما يقال مفتاح ومفاتيح ومفاتح وفي ج، ب، س: «المصابحا» تصحيف.

(٧) كذا في ط، م، ج، ف و «معجم ما استعجم» للبكري و «معجم البلدان». وفي سائر الأصول: «بعدها».

(٨) في ب، س: «فالنوائحا» بالهمزة، وكذلك ورد في «معجم البلدان». ولعله وهم من ياقوت أو تصحيف من الناسخ أو المطبعة؛ فإن أبا عبيد البكري قال بالعبارة في معجمه: «النوابح، بفتح أوّله وبالباء المعجمة بواحدة والحاء المهملة على لفظ جمع نابحة».

وكربلاء ولعلع والعذيب والنوابح، كلها مواضع متقاربة بظاهر الكوفة. وفي «معجم البلدان» (في معبر - عليب) «فجوز العليب والعليب: موضع بين الكوفة والبصرة.

(٩) في ج، ب، س: «وباتت» بالتاء، تصحيف. والنوى هنا: الوجه الذي يذهب فيه.

(١٠) كذا في ط، م، ف. ولعله على تقدير العطف أي والشامتات الكواشحا. وفي سائر الأصول: «مع الشاميين والشامتين الكواشحا».

فإن كانت الراوية «مع الشانئين الشامتين الكواشحا» كان فيه وصف «الشامتين» بالكواشح، وهو قليل.

(١١) في الأصول ما عدا ط، م: «ألا تتبعين الحادثات» تحريف. وفي ج: «الجاريات» مثل ط، م.