كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل الوليد بن طريف

صفحة 337 - الجزء 12

  فافخر فما لك في شيبان من مثل ... كذاك ما لبني شيبان من مثل

  وقال محمد بن يزيد: يعني بقوله:

  تراه في الأمن في درع مضاعفة

  كان معن يقدمه على بنيه فعاتبته امرأته فأراها حالهم وحاله

  خبر يزيد بن مزيد. وذاك أنّ امرأة معن بن زائدة عاتبت معنا في يزيد وقالت: إنك لتقدّمه وتؤخّر بنيك، وتشيد بذكره وتحمل ذكرهم، ولو نبّهتهم لانتبهوا، ولو رفعتهم لآرتفعوا. فقال معن: إن يزيد قريب لم⁣(⁣١) تبعد رحمه، وله عليّ حكم الولد إذ كنت عمّه. وبعد فإنّهم ألوط⁣(⁣٢) بقلبي وأدنى من نفسي على ما توجبه واجبة الولادة للأبوّة من تقديمهم⁣(⁣٣)، ولكنّي لا أجد عندهم ما أجده عنده. ولو كان ما يضطلع به يزيد في بعيد لصار قريبا، وفي عدوّ لصار حبيبا. وسأريك في ليلتي هذه ما ينفسح به / اللَّوم عني ويتبيّن به عذري. يا غلام إذهب فادع جسّاسا وزائدة وعبد اللَّه وفلانا وفلانا، حتى أتى على أسماء ولده؛ فلم يلبث أن جاؤوا في الغلائل المطيّبة والنّعال السّندية، وذلك بعد هدأة من اللَّيل، فسلَّموا وجلسوا. ثم قال: يا غلام ادع لي يزيد وقد أسبل سترا بينه وبين المرأة، وإذا به قد دخل عجلا وعليه السّلاح كلَّه، فوضع رمحه بباب المجلس ثم أتى يحضر⁣(⁣٤). فلمّا رآه معن قال: ما هذه الهيئة أبا الزّبير؟ - وكان يزيد يكنى أبا الزّبير وأبا خالد - فقال: جاءني رسول الأمير فسبق إلى نفسي أنه يريدني لوجه، فقلت: إن كان مضيت ولم أعرّج، وإن يكن الأمر على خلاف ذلك فنزع هذه الآلة أيسر الخطب. فقال لهم:

  انصرفوا في حفظ اللَّه. فقالت المرأة: قد تبيّن عذرك. فأنشد معن متمثّلا:

  نفس عصام سوّدت عصاما ... وعوّدته الكرّ والإقداما

  وصيّرته ملكا⁣(⁣٥) هماما

  من شعر أخته في رثائه

  وأخبرني محمد بن الحسن الكندي قال حدثنا الرّياشيّ قال: أنشدني الأصمعي لأخت الوليد بن طريف ترثيه:

  ذكرت الوليد وأيّامه ... إذ الأرض من شخصه بلقع

  فأقبلت أطلبه في السّماء ... كما يبتغي أنفه الأجدع

  أضاعك قومك فليطلبوا ... إفادة مثل الذي ضيّعوا

  لو أنّ السّيوف التي حدّها ... يصيبك تعلم ما تصنع

  نبت عنك أو جعلت هيبة ... وخوفا لصولك لا تقطع


() لأنك تصونه بالعطاء لكل من سألك، فلا تجعل لأحد سبيلا إلى عرضك.

(١) في ط: «ولم تبعد».

(٢) ألوط بقلبي: ألصق به؛ يقال: لاط الشيء بقلبي يلوط ويليط لوطا وليطا، إذا حبب إليه ولزق به؛ فهو ألوط به وأليط به.

(٣) في ف: «على قدر ما توجبه واجبة الأبوة».

(٤) يحضر: يعدو ويسرع.

(٥) في ف: «بطلا».