كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار متفرقة

صفحة 350 - الجزء 12

  صوت

  كيف الثّواء ببطن مكَّة بعد ما ... همّ⁣(⁣١) الذين تحبّ بالإنجاد

  أمّ كيف قلبك إذ ثويت مخمّرا⁣(⁣٢) ... سقما خلافهم وكربك بادي

  هل أنت إن ظعن⁣(⁣٣) الأحبّة غادي⁣(⁣٤) ... أم قبل ذلك مدلج بسواد

  - الشعر للعرّجيّ. وذكر إسحاق في مجردّة أنّ الغناء فيه لابن عائشة ثاني ثقيل مطلق في مجرى الوسطى.

  وحكى حماد ابنه عنه أن اللحن لابن سريج - قال سهل: فقلت: أحسنت والذي / فلق الحبّة وبرأ النسمة، ولو أنّ كنانة كلَّها سمعتك لاستحسنتك فكيف بنافع بن علقمة! المغرور من غرّه نافع. ثم قلت: زدني وإن كان / القوم متعلَّقة قلوبهم بك. فغنّى وتناول عودا من الشجرة فأوقع⁣(⁣٥) به على الشجرة؛ فكان صوت الشجرة أحسن من خفق بطون⁣(⁣٦) الضّأن على العيدان إذا أخذتها قضبان الدّفلى. قال: والصوت الذي غنّى:

  صوت

  لا تجمعي هجرا علي وغربة ... فالهجر في تلف الغريب سريع

  من ذا - فديتك - يستطيع لحبّه ... دفعا إذا اشتملت عليه ضلوع

  فقلت: بنفسي أنت واللَّه من لا يملّ ولا يكدّ، واللَّه ما جهل من فهمك! اركب - فدتك نفسي - بنا. فقال:

  أمهلني كما أمهلتك اقض بعض شأني. فقلت: وهل عما تريد مدفع! فقام فصلَّى ركعتين، ثم ضرب بيده على الشجرة وقال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، ثم قال: يا حبيبتي إذا شهدت بذاك الشيء فاشهدي بهذا. ثم مضينا والقوم متشوّقون. فلما دنونا أحسّت الدوابّ بالبغلة فصهلت، وشحجت البغلة، وإذا الغريض يغنّيهم لحنه:

  من خيل حيّ ما تزال مغيرة ... سمعت على شرف صهيل حصان

  فبكى ابن سريج حتى ظننت أنّ نفسه قد خرجت، فقلت: ما يبكيك يا أبا يحيى؟ [جعلت فداك]!]⁣(⁣٧) لا يسوءك اللَّه ولا يريك سوءا⁣(⁣٨)! قال: أبكاني هذا المخنّث بحسن غنائه وشجا صوته؛ واللَّه ما ينبغي لأحد أن يغنّي وهذا الصبيّ حيّ⁣(⁣٩). ثم نزل فاستراح وركب. فلمّا سار هنيهة اندفع الغريض فغنّاهم لحنه:

  يا خليليّ قد مللت ثوائي ... بالمصلَّى وقد شنئت البقيعا


(١) في ف: «لهج».

(٢) المخمر: أصله المصدع من الخمر.

(٣) كذا في ط، ف. وفي أكثر الأصول: «إذ ظعن».

(٤) البيت مصرع. وفي ب، س: «غاديا» تحريف.

(٥) في الأصول: «فوقع». والمعروف في الألحان «أوقع» لا «وقع».

(٦) يريد ببطون الضأن الأوتار التي تتخذ من المعى. والدفلى: ضرب من النبت.

(٧) زيادة في ف.

(٨) في ف: «ولا يرينا سوءا فيك».

(٩) في ف: «وصاحب هذا الصوت حي».