أخبار متفرقة
  صوت
  كيف الثّواء ببطن مكَّة بعد ما ... همّ(١) الذين تحبّ بالإنجاد
  أمّ كيف قلبك إذ ثويت مخمّرا(٢) ... سقما خلافهم وكربك بادي
  هل أنت إن ظعن(٣) الأحبّة غادي(٤) ... أم قبل ذلك مدلج بسواد
  - الشعر للعرّجيّ. وذكر إسحاق في مجردّة أنّ الغناء فيه لابن عائشة ثاني ثقيل مطلق في مجرى الوسطى.
  وحكى حماد ابنه عنه أن اللحن لابن سريج - قال سهل: فقلت: أحسنت والذي / فلق الحبّة وبرأ النسمة، ولو أنّ كنانة كلَّها سمعتك لاستحسنتك فكيف بنافع بن علقمة! المغرور من غرّه نافع. ثم قلت: زدني وإن كان / القوم متعلَّقة قلوبهم بك. فغنّى وتناول عودا من الشجرة فأوقع(٥) به على الشجرة؛ فكان صوت الشجرة أحسن من خفق بطون(٦) الضّأن على العيدان إذا أخذتها قضبان الدّفلى. قال: والصوت الذي غنّى:
  صوت
  لا تجمعي هجرا علي وغربة ... فالهجر في تلف الغريب سريع
  من ذا - فديتك - يستطيع لحبّه ... دفعا إذا اشتملت عليه ضلوع
  فقلت: بنفسي أنت واللَّه من لا يملّ ولا يكدّ، واللَّه ما جهل من فهمك! اركب - فدتك نفسي - بنا. فقال:
  أمهلني كما أمهلتك اقض بعض شأني. فقلت: وهل عما تريد مدفع! فقام فصلَّى ركعتين، ثم ضرب بيده على الشجرة وقال: أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، ثم قال: يا حبيبتي إذا شهدت بذاك الشيء فاشهدي بهذا. ثم مضينا والقوم متشوّقون. فلما دنونا أحسّت الدوابّ بالبغلة فصهلت، وشحجت البغلة، وإذا الغريض يغنّيهم لحنه:
  من خيل حيّ ما تزال مغيرة ... سمعت على شرف صهيل حصان
  فبكى ابن سريج حتى ظننت أنّ نفسه قد خرجت، فقلت: ما يبكيك يا أبا يحيى؟ [جعلت فداك]!](٧) لا يسوءك اللَّه ولا يريك سوءا(٨)! قال: أبكاني هذا المخنّث بحسن غنائه وشجا صوته؛ واللَّه ما ينبغي لأحد أن يغنّي وهذا الصبيّ حيّ(٩). ثم نزل فاستراح وركب. فلمّا سار هنيهة اندفع الغريض فغنّاهم لحنه:
  يا خليليّ قد مللت ثوائي ... بالمصلَّى وقد شنئت البقيعا
(١) في ف: «لهج».
(٢) المخمر: أصله المصدع من الخمر.
(٣) كذا في ط، ف. وفي أكثر الأصول: «إذ ظعن».
(٤) البيت مصرع. وفي ب، س: «غاديا» تحريف.
(٥) في الأصول: «فوقع». والمعروف في الألحان «أوقع» لا «وقع».
(٦) يريد ببطون الضأن الأوتار التي تتخذ من المعى. والدفلى: ضرب من النبت.
(٧) زيادة في ف.
(٨) في ف: «ولا يرينا سوءا فيك».
(٩) في ف: «وصاحب هذا الصوت حي».