أخبار محمد بن أمية وأخيه علي
  وقال فيها أيضا:
  بناحية الميدان درب لو انني ... أسمّيه لم أرشد وإن كان مفسدي
  أخاف على سكَّانه قول حاسد ... يشير إليهم بالجفون وباليد
  / وصائف أبكار وعون(١) نواطق ... بألسنة تشفي جوى الهائم الصّدي
  يقاربن أهل الودّ بالقول في الهوى ... وما النجم من معروفهن بأبعد
  يزدن أخا الدنيا مجونا وفتنة ... ويشغفن(٢) قلب الناسك المتعبّد
  وليلة وافى النوم طيف سرى به ... إليّ الهوى منهن بعد تجرّد
  فقاسمته الأشجان نصفين بيننا ... وأوردته من لوعة الحب موردي
  ونلت الذي أمّلت بعد تمنّع ... وعاهدته عهد امرئ متوكَّد
  فلما افترقنا خاس بالعهد(٤) بيننا ... وأعرض إعراض العروس من الغد
  فواندما ألا أكون ارتهنته ... لأخبره في حفظ عهد وموعد
  إعجاب أبي العتاهية بشعره
  أخبرني الحسن بن عليّ وعمي قالا حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني حذيفة بن محمد قال قال لي محمد بن أبي العتاهية:
  سمع أبي يوما مخارقا يغنّي:
  أحبّك حبّا لو يفضّ(٥) يسيره ... على الخلق مات الخلق من شدّة الحبّ
  / وأعلم أنّي بعد ذاك مقصّر ... لأنّك في أعلى المراتب من قلبي
  فطرب ثم قال له: من يقول هذا يا أبا المهنأ؟ قال: فتى من الكتّاب يخدم الأمير إبراهيم بن المهديّ. فقال:
  تعني محمد بن أميّة؟ قال: نعم. قال أحسن واللَّه، وما يزال يأتي بالشّيء المليح يبدو له.
  مزاحه مع مسلم بن الوليد
  أخبرني عمي قال حدّثنا أحمد بن أبي طاهر قال حدّثني أحمد بن أمية بن أبي أمية قال:
  / لقي أخي محمّد بن أميّة مسلم بن الوليد وهو يمشي وطويلته(٦) مع بعض رواته، فسلم عليه ثم قال له: قد حضرني شيء؛ فقال: هاته؛ فقال: على أنّه مزاح لا يغضب منه؛ قال: هاته ولو أنه شتم. فقال:
(١) الوصائف: جمع وصيفة وهي الجارية دون المراهقة. عون: جمع عوان وهي المرأة النصف.
(٢) في ط: «ويشعفن».
(٣) في س، ب. «متأكد».
(٤) خاس بالعهد: نقضه وخانه.
(٥) يفض: يفرق.
(٦) الطويلة: يراد بها قلنسوة طويلة.