أخبار محمد بن أمية وأخيه علي
  من رأى فيما خلا رجلا ... تيهه يربي على جدته(١)
  يتباهى راجلا وله ... شاكريّ في قلنسيته(٢)
  فسكت عنه مسلم ولم يجبه، وضحك منه محمد وافترقا.
  مداعبة مسلم له حين نفق برذونه
  قال: وكان لمحمد بن أميّة برذون يركبه، فلقيه مسلم وهو راجل فقال: ما فعل برذونك؟ قال: نفق. قال:
  الحمد للَّه، فنجازيك إذا على ما كان منك إلينا. ثم قال مسلم:
  قل لابن ميّ(٣) لا تكن جازعا ... لن يرجع البرذون باللَّيت(٤)
  طامن أحشاءك فقدانه(٥) ... وكنت فيه عالي الصوت
  وكنت لا تنزل عن ظهره ... ولو من الحشّ إلى البيت(٦)
  ما مات من حتف(٧) ولكنّه ... مات من الشّوق إلى الموت
  تعلقه بإحدى الجواري وما كان بينهما
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال حدّثنا يعقوب بن إسرائيل قال حدّثني محمد بن علي بن أمية قال حدّثني حسين بن الضحاك قال:
  دخلت أنا ومحمد بن أميّة منزل نخّاس بالرّقة أيام الرشيد وعنده جارية تغنّي فوقعت عينها على محمد، ووقعت عينه عليها، فقال لها: يا جارية، أتغنّين هذا الصوت:
  /
  خبّريني من الرسول إليك ... واجعليه من لا ينمّ عليك
  وأشيري إليّ من هو باللح ... ظ ليخفى على الذين لديك
  وأقلَّي المزاح في المجلس اليو ... م فإن المزاح بين يديك
  فقالت له: ما أعرفه، وأشارت إلى خادم كان على رأسها واقفا. فمكثا زمانا والخادم(٨) الرسول بينهما. قال:
  تغنى بشعر له عمرو الغزال فتطير إبراهيم بن المهدي وعلم من في المجلس بنكبة البرامكة
  حدّثني جحظة قال حدّثني ميمون بن هارون قال حدّثني بعض من كان يختلط بالبرامكة قال:
(١) في ف: «أربي على جدته» وجدته، أي مقدار ما هو عليه من الغنى.
(٢) الشاكري: الأجير والمستخدم. والقلنسية والقلنسوة: من لباس الرأس.
(٣) كذا في ف و «ديوان مسلم» (ص ٢١٥) طبع ليدن. وفي سائر الأصول: «أمي» تحريف.
(٤) الليت: أراد به التمني. ورواية هذا الشطر في «الديوان»: «ليت على البرذون من فوت».
(٥) رواية «الديوان»: «طأطأ من تيهك فقدانه».
(٦) الحش (بتثليث الحاء): يكنى به عن بيت الخلاء.
(٧) في ف: «من سقم». والحتف: الهلاك، تقول العرب: مات فلان حتف أنفه، أي بلا ضر ولا قتل
(٨) في ف: «والخادم الأسود».