نسب الأفوه الأودي وشئ من أخباره
  صوت
  كأن لم تري قبلي أسيرا مكبّلا ... ولا رجلا يرمى به الرجوان(١)
  كأني جواد ضمّه القيد بعدما ... جرى سابقا في حلبة ورهان
  الشعر لرجل من لصوص بني تميم يعرف بأبي النّشناش، والغناء لابن جامع ثاني ثقيل بالبنصر من روايتي عليّ ابن يحيى والهشاميّ.
  النشناش واعتراضه القوافل وهربه بعد الظفر به، وما كان بينه وبين اللهبي
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد السكريّ عن محمد بن حبيب قال:
  كان أبو النّشناش من ملاصّ(٢) بني تميم، وكان يعترض القوافل في شذّاذ من العرب بين طريق الحجاز والشام فيجتاحها. فظفر به بعض عمال مروان فحبسه وقيده مدّة، ثم أمكنه الهرب في وقت غرّة فهرب، فمر بغراب على بانة ينتف ريشه وينعب، فجزع من ذلك(٣). ثم مر بحيّ من لهب فقال لهم: رجل كان في بلاء وشرّ وحبس وضيق فنجا من ذلك، ثم نظر عن يمينه فلم ير شيئا، ونظر عن يساره فرأى غرابا على شجرة بان ينتف ريشه وينعب. فقال له اللهبيّ: إن صدقت / الطير يعاد(٤) إلى حبسه وقيده، ويطول ذلك به، ويقتل ويصلب. فقال له: بفيك الحجر(٥).
  قال: لا بل بفيك. وأنشأ يقول:
  وسائلة أين ارتحالي(٦) وسائل ... ومن يسأل الصّعلوك أين مذاهبه!
  مذاهبه أنّ الفجاج عريضة ... إذا ضنّ عنه بالنّوال أقاربه
  إذا المرء لم يسرح سواما ولم يرح ... سواما ولم يبسط له الوجه صاحبه(٧)
  فللموت خير للفتى من قعوده ... عديما ومن مولى تعاف مشاربه(٨)
  ودوّيّة قفر يحار بها القطا ... سرت بأبي النّشناش فيها ركائبه(٩)
  ليدرك ثأرا أو ليكسب مغنما ... ألا إنّ هذا الدهر تترى عجائبه
  فلم أر مثل الفقر ضاجعه الفتى ... ولا كسواد الليل أخفق طالبه
  فعش معذرا أو مت كريما فإنني ... أرى الموت لا يبقى على من يطالبه(١٠)
(١) انظر التعليق (رقم ٨ ص ١٦٥) من هذا الجزء.
(٢) ملاص: جمع ملصة (بفتح الميم)، وهو اسم جمع للص.
(٣) في ج: «فجزع من ذلك ثم نظر عن يمينه».
(٤) في ف: «فقال له اللهبي: يؤخذ فيعاد».
(٥) في ف: «بفيك التراب».
(٦) في ح، ب: «ارتحال».
(٧) في ف:
«ولم يرح ... إليه «
(٨) في ف
«من حياته ... فقيرا «
وفي ج:
«تدب عقاربه»
(٩) الدوية: المفازة، وفي ف: «ونائية الأرجاء طامسة الصوى».
(١٠) المعذر: الذي له عذر. وفي ح: «مقترا».