خبر كثير وخندق الأسدي
  اسمع أمير المؤمني ... ن لمدحتي وثنائها
  أنت ابن معتلج البطا ... ح كديّها وكدائها(١)
  ولبطن عائشة التي ... فضلت أروم نسائها
  فلما أنشد هذا البيت قال له عبد الملك: قل «ولنسل عائشة». قال: لا بل «ولبطن عائشة». حتّى(٢) ردّ ذلك عليه ثلاث مرات وهو يأبى إلَّا «ولبطن عائشة». فقال له عبد الملك: اسحنفر(٣) الآن. قال: وعائشة أمّ عبد الملك بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. هذه رواية الزبير بن بكَّار.
  وقد حدّثنا به في خبر كثيّر مع غاضرة هذه بغير هذا محمد بن العباس اليزيديّ قال: حدّثنا محمد بن حبيب عن هشام بن الكلبيّ.
  محاورة السائب بن حكيم لغاضرة ولم يكن قد عرفها
  وأخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن ابن الكلبيّ عن أبي عبد الرحمن الأنصاريّ عن السائب بن حكيم السّدوسي راوية كثيّر قال:
  واللَّه إني لأسير يوما مع كثيّر، حتى إذا كنا ببطن / جدار (جبل من المدينة على أميال) إذ أنا بامرأة في رحالة(٤) متنقبة، معها عبيد لها يسعون معها، فمرّت جنابي فسلَّمت ثم قالت: ممن الرجل(٥)؟ قلت: من أهل الحجاز. قالت: فهل تروي لكثير / شيئا؟ قلت: نعم. قالت: أما واللَّه ما كان بالمدينة من شيء هو أحب إليّ من أن أرى كثيّرا وأسمع شعره، فهل تروي قصيدته:
  أهاجك برق آخر الليل واصب
  قلت: نعم: فأنشدتها إياها إلى آخرها. قالت: فهل تروي قوله:
  كأنك لم تسمع ولم تر قبلها ... تفرّق ألَّاف لهنّ حنين
  قلت: نعم وأنشدتها. قالت: فهل تروي قوله أيضا:
  لعزة من أيام ذي الغصن شاقني
  قلت: نعم وأنشدتها إلى آخرها. قالت: فهل تروي قوله أيضا:
  أأطلال سعدى باللوى تتعهّد
  قلت: نعم وأنشدتها حتى أتيت على قوله:
  فلم أر مثل العين ضنّت بمائها ... عليّ ولا مثلي على الدمع يحسد
  قالت: قاتله اللَّه! فهل قال مثل قول كثير أحد على الأرض. واللَّه لأن أكون رأيت كثيّرا، أو سمعت منه
(١) كدى وكداء: موضعان بمكة. وقيل: جبلان. كذا ذكر في «اللسان» واستشهد بالبيت.
(٢) في ف، ج: «ردد».
(٣) اسحنفر الرجل في منطقة: مضى فيه ولم يتمكث.
(٤) الرحالة: مركب من جلود لا خشب فيه.
(٥) في ط، ف، ج: «من الرجل».