كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر كثير وخندق الأسدي

صفحة 406 - الجزء 12

  اذهب فجئني الساعة برأس جعفر بن يحيى، وضمّ إليّ جماعة من الغلمان، فمضيت حتى هجمت عليه منزله. وإذا أبو زكَّار الأعمى يغنيّه بقوله⁣(⁣١):

  فلا تبعد فكل فتى سيأتي ... عليه الموت يطرق أو يغادي

  / فقلت له: في هذا المعنى ومثله واللَّه جئتك فأجب. فوثب وقال: ما الخبر يا أبا الهشام جعلني اللَّه فداءك! قلت: قد أمرت بأخذ رأسك. فأكبّ على رجلي فقبّلها وقال: اللَّه اللَّه، راجع أمير المؤمنين فيّ. فقلت: مالي إلى ذلك سبيل. قال: فأعهد؟ قلت: ذاك لك. فذهب يدخل إلى النساء فمنعته، وقلت: اعهد في موضعك. فدعا بدواة وكتب أحرفا على دهش ثم قال لي: يا أبا هشام بقيت واحدة. قلت: هاتها. قال: خذني معك إلى أمير المؤمنين حتى أخاطبه. قلت: مالي إلى ذلك سبيل. قال: ويحك لا تقتلني بأمره على النبيذ. فقلت: هيهات ما شرب⁣(⁣٢) اليوم شيئا. قال: / فخذني واحبسني عندك في الدار، وعاوده في أمري. قلت: أفعل. فأخذته، فقال لي أبو زكَّار الأعمى: نشدتك اللَّه إن قتلته إلَّا ألحقتني به. قلت له: يا هذا لقد اخترت غير مختار. قال: وكيف أعيش بعده وحياتي كانت معه وبه، وأغناني عمّن سواه، فما أحب الحياة بعده، فمضيت بجعفر وجعلته في بيت وأقفلت عليه ووكَّلت به، ودخلت إلى الرشيد، فلما رآني قال: أين رأسه ويلك؟ فأخبرته بالخبر. فقال يا بن الفاعلة، واللَّه لئن لم يجئني برأسه الساعة لآخذنّ رأسك! فمضيت إليه، فأخذت رأسه ووضعته بين يديه. ثم أخبرته خبره، وذكرت له خبر أبي زكَّار الأعمى، فلما كان بعد مدة أمرني بإحضاره، فأحضرته، فوصله وبرّه وأمر بالجراية عليه.

  صوت

  شعر في خولة غنى فيه

  قفا في دار خولة فاسألاها ... تقادم عهدها وهجرتماها

  بمحلال يفوح المسك منه ... إذا هبّت بأبطحه صباها⁣(⁣٣)

  / أترعى حيث شاءت من حمانا ... وتمنعنا فلا⁣(⁣٤) نرعى حماها

  عروضه من الوافر. الشعر لرجل من فزارة. والغناء ذكر حماد عن أبيه أنه لمعبد، وذكر عنه في موضع آخر أنه لابن مسجح. وطريقته من الثقيل الأوّل مطلق في مجرى الوسطي.

  نسب منظور بن زبان

  وهذا الشعر يقول الفزاري في خولة بنت منظور بن زبّان بن سيّار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سميّ ابن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان. وكان منظور بن زبّان سيد قومه غير مدافع، أمّه قهطم بنت


(١) هذه الكلمة ساقطة في ط، ف.

(٢) في ط: «فقلت ما شرب».

(٣) المحلال: الأرض السهلة المخصبة. والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

(٤) في ج: «إذا نرعى».