خبر عبد الله بن معاوية ونسبه
  أبو جعفر من أهل بيت نبوّة ... صلاتهم للمسلمين طهور
  أبا جعفر إن الحجيج ترحّلوا ... وليس لرحلي فاعلمنّ بعير
  / أبا جعفر ضنّ الأمير بماله ... وأنت على ما في يديك أمير
  وأنت امرؤ من هاشم في صميمها ... إليك يصير المجد حيث تصير
  فقال: يا أعرابي، سار الثّقل فدونك الراحلة بما عليها، وإياك أن تخدع عن السّيف فإني أخذته بألف دينار.
  فأنشأ الأعرابيّ يقول:
  حباني عبد اللَّه، نفسي فداؤه ... بأعيس موّار سباط مشافزه(١)
  وأبيض من ماء الحديد كأنه ... شهاب بدا والليل داج عساكره(٢)
  وكل امرئ يرجو نوال ابن جعفر ... سيجري له باليمن والبشر طائره
  فيا خير خلق اللَّه نفسا ووالدا ... وأكرمه للجار حين يجاوره
  سأثني بما أوليتني يا بن جعفر ... وما شاكر عرفا كمن هو كافره
  ذكر له شاعر أنه كساه في المنام، فكساه جبة وشى
  وحدّثني أحمد بن يحيى عن رجل قال حدّثني شيخ من بني تميم بخراسان قال: جاء شاعر إلى عبد اللَّه بن جعفر فأنشده:
  رأيت أبا جعفر في المنام ... كساني من الخزّ درّاعة(٣)
  شكوت إلى صاحبي أمرها ... فقال ستؤتى بها الساعة
  سيكسوكها الماجد الجعفريّ ... ومن كفّه الدهر نفّاعه
  ومن قال للجود لا تعدني ... فقال لك السمع والطاعة
  / فقال عبد اللَّه لغلامه: ادفع إليه درّاعتي الخزّ ثم قال له: كيف لو ترى جبتي المنسوجة بالذهب التي اشتريتها بثلاثمائة دينار! فقال له الشاعر: بأبي دعني اغفى إغفاءة أخرى فلعلي أرى هذه الجبة في المنام، فضحك منه وقال:
  يا غلام ادفع إليه جبّتي الوشى.
  اعترض ابن دأب على شعر الشماخ في مدحه بأنه دون شعره في عرابة
  حدّثنا أحمد قال / قال يحيى قال ابن دأب: وسمع قول الشمّاخ بن ضرار الثعلبيّ في عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب |:
  إنك يا بن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
(١) أعيس: واحد العيس وهي الإبل البيض يخالط بياضها شقرة. الموار: النشيط في سيره المفتول العضل يمور عضداه إذا ترددا في عرض جنبيه. المشافر، جمع مشفر كمنبر: ما يقابل الشفة في الإنسان. وسياط، يريد أنها لبنة.
(٢) عسكر الليل: ظلمته.
(٣) الدرّاعة: جبة مشقوقة المقدم.