كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر عبد الله بن معاوية ونسبه

صفحة 426 - الجزء 12

  تخال فيه إذا حاورته⁣(⁣١) بلها ... من جوده وهو وافي العقل والورع

  وهذا الشعر يروي لابن قيس الرّقيّات.

  وفائه عام الجحاف

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء والطوسيّ قالا حدّثنا الزبير قال حدّثني مصعب بن عثمان قال:

  لما ولي عبد الملك الخلافة جفا عبد اللَّه بن جعفر، فراح يوما إلى الجمعة وهو يقول: اللهمّ إنك عوّدتني عادة جريت عليها، فإن كان ذلك قد انقضى فاقبضني إليك، فتوفّي في الجمعة الأخرى. قال يحيى: توفّي عبد اللَّه وهو ابن سبعين سنة في سنة ثمانين وهو عام الجحاف لسيل كان بمكَّة جحف الحاجّ فذهب بالإبل عليها الحمولة، وكان الوالي على المدينة يومئذ أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان، / وهو الذي صلَّى عليه.

  وقف عمرو بن عثمان على قبره ورثاه

  حدّثني أحمد بن محمد قال أخبرنا يحيى قال حدّثنا الحسين بن محمد قال أخبرني محمد بن مكرم قال أخبرني أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود قال أخبرني الأصمعي عن الجعفريّ قال:

  لمّا مات عبد اللَّه بن جعفر شهده أهل المدينة كلَّهم، وإنما كان عبد اللَّه بن جعفر مأوى المساكين وملجأ الضعفاء، فما تنظر إلى ذي حجّا إلَّا رأيته مستعبرا قد أظهر الهلع والجزع، فلما فرغوا من دفنه قام عمرو بن عثمان فوقف على شفير القبر فقال: رحمك اللَّه يا بن جعفر! إن كنت لرحمك لواصلا، ولأهل الشر لمبغضا، ولأهل الرّيبة لقاليا، ولقد كنت فيما بيني وبينك كما قال الأعشى:

  رعيت الذي كان بيني وبينكم ... من الودّ حتى غيّبتك المقابر

  فرحمك اللَّه! يوم ولدت ويوم كنت رجلا ويوم متّ ويوم تبعث حيّا؛ واللَّه لئن كانت هاشم أصيبت بك لقد عمّ قريشا كلَّها هلكك، فما أظنّ أن يرى بعدك مثلك.

  ووقف عمرو بن سعيد على قبره ورثاه

  فقام عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق فقال: لا إله إلا اللَّه الذي يرث الأرض ومن عليها وإليه ترجعون، ما كان أحلى العيش بك يا بن جعفر! وما أسمج ما أصبح بعدك! واللَّه لو كانت عيني دامعة على أحد لدمعت عليك، كان واللَّه حديثك غير مشوب بكذب، وودّك غير ممزوج بكدر.

  نازع أحد ولد المغيرة عمرو بن سعيد على مدحه له فذمه وأسكته

  فوثب ابن للمغيرة بن نوفل - ولم يثبت الأصمعيّ اسمه - فقال: يا عمرو، بمن تعرّض بمزج الودّ وشوب الحديث؟ أفبابني فاطمة؟ فهما واللَّه خير منك ومنه، فقال: على رسلك يا لكع⁣(⁣٢)! أردت أن أدخلك معهم؟ هيهات لست هناك، واللَّه لو متّ أنت ومات أبوك ما مدحت ولا ذممت، فتكلم بما شئت فلن تجد لك مجيبا؛


(١) في ف: «حاولته».

(٢) اللكع: اللئيم والأحمق.