كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار العرجي ونسبه

صفحة 312 - الجزء 1

  قال فقلت لها: فإنّي أسأل اللَّه ألَّا يعذّب هذا الوجه بالنّار. قال: وبلغ ذلك سعيد بن المسيّب فقال: أما واللَّه لو كان من بعض بغضاء⁣(⁣١) العراق لقال لها: اعزبي قبّحك اللَّه! ولكنّه ظرف عبّاد أهل الحجاز. وقد رويت هذه الحكاية عن أبي حازم الأعرج وهو سلمة بن دينار، وقد روى أبو حازم عن أبي هريرة وسهل بن سعد وغيرهما، وروى عنه مالك وابن أبي أيّوب. والحكاية عنه في هذا أصحّ منها عن عبد اللَّه العمري، حدّثنا بهذا وكيع. والغناء في هذه الأبيات لعرار المكَّيّ ثاني ثقيل. وفيه خفيف ثقيل لمعبد، وفيها لعبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ ثقيل أوّل، ويقال إنّ خفيف الثقيل لابن سريج، ويقال للغريض.

  غناء عبد اللَّه بن العباس الربيعي في شعر العرجيّ

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني أبو ثوبة قال: قال عبد اللَّه⁣(⁣٢) بن العبّاس: دعاني المتوكَّل، فلمّا جلست مجلس المنادمة قال لي: يا عبد اللَّه، تغنّ، فغنّيته في شعر مدحته به، فقال: أين هذا من غنائك في:

  أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها

  / ومن صنعتك في:

  أقفر ممّن يحلَّه⁣(⁣٣) سرف⁣(⁣٤)

  فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ صنعتي حينئذ كانت وأنا شابّ عاشق، فإن استطعت ردّ شبابي وعشقي صنعت مثل تلك الصنعة. فقال هيهات! وقد لعمري⁣(⁣٥) صدقت، ووصلني. والأبيات التي فيها الغناء المذكور من شعر العرجيّ يقوله في جيداء أمّ محمد بن هشام بن إسماعيل المخزوميّ، وكان يهجوه ويشبّب بأمه وبامرأته، وكان محمد تيّاها شديد الكبر جبّارا، فلم يزل يتطلَّب عليه العلل حتى حبسه وقيّده بعد أن ضربه بالسّوط وأقامه على البلس للناس. واختلف الرّواة في السبب الذي اعتلّ به عليه، وقد ذكرت ذلك في رواياتهم:

  هجاء العرجيّ محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي وتشبيبه بأمه

  أخبرني بخبره أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة، وأخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال أخبرنا الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي مصعب ومحمد بن الضّحاك الحزاميّ⁣(⁣٦) عن الضّحاك بن عثمان، وذكره حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن أيّوب بن عباية،


(١) يريد بهم المتزمتين المتغالين في الورع.

(٢) كذا في ت، ح. وفي سائر النسخ: «أبو عبد اللَّه بن العباس». ولفظ «أبو» زيادة من الناسخ؛ إذ هو عبد اللَّه بن العباس الربيعي، وكان شاعرا مطبوعا ومغنيا محسنا جيد الصنعة نادرها حسن الرواية، حلو الشعر ظريفة، ليس من الشعر الجيد الجزل ولا من المرذول ولكنه شعر مطبوع ظريف مليح المذهب من أشعار المترفين وأولادهم النعم. وترجمته في الجزء السابع عشر من «الأغاني» طبع بلاق.

(٣) كذا في أكثر النسخ. وفي ت: «من بعد حلة». والحلة بالكسر: القوم النزول. وفي ح: «من بعد خلة» والخلة: الصديقة.

(٤) سرف ككتف: موضع على ستة أميال من مكة، وقيل سبعة وتسعة وعشرة واثني عشر، تزوّج به رسول اللَّه ÷ ميمونة بنت الحارث وهناك بني بها وهناك توفيت.

(٥) في ت: «هيهات قد صدقت».

(٦) كذا في ت. وفي ب، س: «الخزاميّ». وفي أ، م، ء: «الحراميّ». ولم تذكر هذه الكلمة في ح. وما في ت هو الصحيح؛ قال الذهبيّ في «المشتبه في أسماء الرجال» في الكلام على الحزامي: وبزاي الضحاك ابن عثمان الحزامي مشهور وابنه محمد بن الضحاك أه.