خبر عبد الله بن معاوية ونسبه
  قال ابن عمار وأخبرنا أيضا ببعض خبره أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب الزبيريّ، قال ابن عمار وأخبرني أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ عن أبي اليقظان وشهاب بن عبد اللَّه وغيرهما، قال ابن عمار وحدّثني به سليمان بن أبي شيخ عمن ذكره. قال أبو الفرج الأصبهاني: ونسخت أنا أيضا بعض خبره من كتاب محمد بن علي بن حمزة عن المدائنيّ وغيره فجمعت معاني ما ذكروه في ذلك كراهة الإطالة:
  أنّ عبد اللَّه بن معاوية قدم الكوفة زائرا لعبد اللَّه بن عمر بن عبد العزيز ومستميحا(١) له، فتزوج بالكوفة بنت الشرقيّ بن عبد المؤمن بن شبث بن ربعيّ الرياحيّ، فلما وقعت العصبية أخرجه أهل الكوفة على بني أمية، وقالوا له: أخرج فأنت أحقّ بهذا الأمر من غيرك، واجتمعت له جماعة، فلم يشعر به عبد اللَّه بن عمر إلا وقد خرج عليه.
  قال ابن عمار في خبره: إنه إنما خرج في أيام يزيد بن الوليد، ظهر بالكوفة ودعا إلى الرضا من آل محمد ﷺ ولبس الصوف وأظهر سيمى الخير، فاجتمع إليه وبايعه بعض أهل الكوفة، ولم يبايعه كلَّهم وقالوا: ما فينا بقيّة قد قتل جمهورنا مع أهل هذا البيت، وأشاروا عليه بقصد فارس وبلاد المشرق فقبل ذلك، وجمع جموعا من النواحي، وخرج معه عبد اللَّه بن العباس التميميّ. قال محمد بن عليّ بن حمزة عن سليمان بن أبي شيخ عن محمد بن الحكم عن عوانة: إن ابن معاوية قبل قصده المشرق ظهر بالكوفة ودعا إلى نفسه، وعلى الكوفة يومئذ عامل ليزيد الناقص يقال له عبد اللَّه بن عمر، فخرج إلى ظهر الكوفة مما يلي الحرّة، فقاتل ابن معاوية قتالا شديدا. قال محمد بن عليّ ابن حمزة عن المدائنيّ عن عامر بن حفص، وأخبرني به ابن عمار / عن أحمد بن الحارث عن المدائنيّ: أن ابن عمر هذا دسّ إلى رجل من أصحاب ابن معاوية من وعده عنه مواعيد على أن ينهزم عنه / وينهزم الناس بهزيمته، فبلغ ذلك ابن معاوية، فذكره لأصحابه وقال: إذا انهزم ابن حمزة فلا يهولنكم، فلما التقوا انهزم ابن حمزة وانهزم الناس معه فلم يبق غير ابن معاوية، فجعل يقاتل وحده ويقول:
  تفرّقت الظباء على خداش ... فما يدري خداش ما يصيد
  ثم ولى وجهه منهزما فنجا، وجعل يجمع من الأطراف والنواحي من أجابه، حتى صار في عدّة، فغلب على ماه الكوفة(٢) وماه البصرة وهمذان وقمّ والرّيّ وقومس وأصبهان وفارس، وأقام هو بأصبهان. قال: وكان الذي أخذ له البيعة بفارس محارب بن موسى مولى بني يشكر، فدخل دار الإمارة بنعل ورداء واجتمع الناس إليه، فأخذهم بالبيعة؛ فقالوا: علام نبايع؟ فقال: على ما أحببتم وكرهتم، فبايعوا على ذلك.
  وكتب عبد اللَّه بن معاوية فيما ذكر محمد بن عليّ بن حمزة عن عبد اللَّه بن محمد بن إسماعيل الجعفريّ عن أبيه عن عبد العزيز بن عمران عن محمد بن جعفر بن الوليد مولى أبي هريرة ومحرز بن جعفر: أن عبد اللَّه بن معاوية كتب إلى الأمصار يدعو إلى نفسه لا إلى الرضا من آل محمد ﷺ، قال: واستعمل أخاه الحسن على إصطخر، وأخاه يزيد على شيراز، وأخاه عليا على كرمان، وأخاه صالحا على قم ونواحيها، وقصدته بنو هاشم جميعا منهم السّفاح والمنصور وعيسى بن عليّ. وقال ابن أبي خيثمة عن مصعب: وقصده وجوه قريش من بني أمية وغيرهم، فممّن قصده من بني أمية سليمان بن هشام بن عبد الملك وعمر بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان، فمن أراد منهم عملا قلَّده، ومن أراد منهم صلة وصله.
(١) استماحه: سأله العطاء.
(٢) يراد بماه البقرة، نهاوند وبماه الكوفة الدينور «معجم البلدان» (نهاوند).