أخبار أبي وجزة ونسبه
  / قال: فأمر له عبد اللَّه بن الحسن وحسن وإبراهيم بمائة وخمسين دينارا وأوقروا(١) له رواحلة برّا وتمرا، وكسوه ثوبين ثوبين.
  فرض له عبد الملك بن يزيد السعدي عطاء في الجند وندبه لحرب أبي حمزة فقال في ذلك رجزا.
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعيّ قال حدّثنا عمر بن شنّة قال حدّثني أبو غسان والمدائنيّ جميعا:
  أن عبد الملك بن يزيد بن محمد بن عطية السعديّ كان قد ندب لقتال أبي حمزة الأزدي الشاري لما جاء إلى المدينة فغلب عليها، قال: وبعث إليه مروان بن محمد بمال، ففرّقه فيمن خف معه من قومه، فكان فيمن فرض(٢) [له] منهم أبو وجزة وابناه، فخرج معترضا للعسكر على فرس، وهو يرتجز ويقول:
  قل لأبي حمزة هيد هيد ... جئناك بالعادية الصّنديد(٣)
  بالبطل القرم أبي الوليد ... فارس قيس نجدها المعدود(٤)
  في خيل قيس والكماة الصّيد(٥) ... كالسيف قد سلّ من الغمود
  محض هجان ماجد الجدود ... في الفرع من قيس وفي العمود(٦)
  فدى لعبد الملك الحميد ... مالي من الطارف والتليد
  / يوم تنادى الخيل بالصعيد ... كأنه في جنن(٧) الحديد ... سيد مدلّ عزّ كلّ سيد(٨)
  / قال: وسار ابن عطية في قومه، ولحقت به جيوش أهل الشام، فلقي أبا حمزة في اثنى عشر ألفا، فقاتله يوما إلى الليل حتى أصاب صناديد عسكره، فنادوه. يا بن عطية، إن اللَّه جل وعز قد جعل الليل سكنا، فاسكنوا حتى نسكن، فأبى وقاتلهم حتى قتلهم جميعا.
  كان منقطعا لابن عطية مداحا له
  قال: وكان أبو وجزة منقطعا إلى ابن عطية، يقوم بقوت عياله وكسوته ويعطيه ويفضل عليه، وكان أبو وجزة مداحا له، وفيه يقول:
  حنّ الفؤاد إلى سعدى ولم تثب ... فيم الكثير من التّحنان والطرب
(١) أوقر الدابة: حملها وقرا (بالكسر)؛ وهو الحمل الثقيل.
(٢) فرض له في العطاء: جعل له فريضة ونصيبا.
(٣) هيد هيد؛ كتب فوق هاتين الكلمتين في ط: «النجا، النجا»، وهو تفسير لهما، وأصله في زجر الإبل. و «جئناك» في ج، وهامش ط، وفي سائر الأصول: «أتاك» والتاء في «العادية» للمبالغة.
(٤) القرم: السيد المعظم. النجد: الشجاع الشديد البأس الماضي فيما يعجز عنه غيره.
(٥) الصيد: جمع أصيد وهو الذي يرفع رأسه كبرا.
(٦) محض: خالص. رجل هجان: كريم الحسب نقيه. فرع كل شيء: أعلاه.
(٧) جنن جمع جنة، وهي كل ما وقى.
(٨) السيد: الأسد. عز: فاق وغلب.