كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي وجزة ونسبه

صفحة 447 - الجزء 12

  قالت سعاد أرى من شيبه عجبا ... مهلا سعاد فما في الشيب من عجب

  غنّى في هذين البيتين إسحاق خفيف ثقيل أول بالوسطى في مجراها من كتابه:

  إمّا تريني كساني الدهر شيبته ... فإن ما مرّ منه عنك لم يغب

  سقيا لسعدى على شيب ألمّ بنا ... وقبل ذلك حين الرأس لم يشب

  كأنّ ريقتها بعد الكرى اغتبقت ... صوب الثريا بماء الكرم من حلب⁣(⁣١)

  وهي قصيدة طويلة يقول فيها:

  أهدى قلاصا عنا جيجا أضرّبها ... نصّ الوجيف وتقحيم من العقب⁣(⁣٢)

  يقصدن سيّد قيس وابن سيدها ... والفارس العدّ منها غير ذي الكذب⁣(⁣٣)

  / محمد وأبوه وابنه صنعوا ... له صنائع من مجد ومن حسب

  إني مدحتهم لمّا رأيت لهم ... فضلا على غيرهم من سائر العرب

  إلَّا تثبني به لا يجزني أحد ... ومن يثيب إذا ما أنت لم تثب

  والأبيات التي ذكرت فيها الغناء المذكور معه أمر أبي وجزة من قصيدة له مدح بها أيضا عبد الملك بن عطية هذا. ومما يختار منها قوله:

  حتى إذا هجدوا ألمّ خيالها ... سرّا، ألا بلمامه كان المنى

  طرقت بريّا روضة من عالج ... وسميّة عذبت وبيتّها النّدى⁣(⁣٤)

  يا أمّ شيبة أيّ ساعة مطرق ... نبّهتنا، أين المدينة من بدا⁣(⁣٥)؟

  إني متى أقض اللَّبانة أجتهد ... عنق العتاق الناجيات على الوجى⁣(⁣٦)

  حتى أزورك إن تيسّر طائري ... وسلمت من ريب الحوادث والردى

  وفيها يقول:

  فلأمدحنّ بني عطية كلَّهم ... مدحا يوافي في المواسم والقرى

  الأكرمين أوائلا وأواخرا ... والأحلمين إذا تخولجت الحبا⁣(⁣٧)


(١) اغتبق: شرب الغبوق وهو ما يشرب بالعشي. والصوب: المطر.

(٢) العناجيج هنا: الإبل، واحده عنجوج كعصفور. نص ناقته: استخرج أقصى ما عندها من السير. والوجيف: ضرب من سير الخيل والإبل. والتقحيم: أن تقتحم الإبل المراحل واحدة بعد الأخرى تطويها فلا تنزل فيها. والعقب: جمع عقبة وهي قدر فرسخين، أو قدر ما تسيره.

(٣) العدّ هنا: الذي لا تنفد شجاعته، من قولهم ما عدّ، أي دائم لا تنفد مادّته.

(٤) الريا: الرائحة الطيبة. عالج: رملة بالبادية. وسمية: مطرت الوسمي وهو مطر الربيع الأوّل.

(٥) بدا: موضع بالشام قرب وادي القرى.

(٦) العنق: ضرب من سير الإبل. الناجيات: المسرعات. الوجا: شدّة الحفا.

(٧) تخولجت: تنوزعت. الحبا: جمع حبوة، من احتبى: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها، وتنازع الحبا يكون عند الخصومة؛ يريد أنهم يحلمون حين يجهل غيرهم.