كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عقيل بن علفة

صفحة 457 - الجزء 12

  فدخل بها على الخليفة فقال له: إن أنتما ودن⁣(⁣١) بينكما، فبارك اللَّه لكما، وإن كرهت شيئا فضع يدها في يدي كما وضعت يدها في يدك ثم برئت ذمتك. فحملت الجرباء بغلام ففرح به يزيد ونحله⁣(⁣٢) وأعطاه.

  موت ابنته وامتناعه عن أخذ ميراثها

  ثم مات الصبيّ، فورثت أمّه منه الثّلث، ثم ماتت فورثها زوجها وأبوها فكتب إليه: إن ابنك وابنتك هلكا، وقد حسبت ميراثك منهما فوجدته عشرة آلاف دينار، فهلمّ فاقبضه. فقال: إن مصيبتي بابني وابنتي تشغلني عن المال وطلبه، فلا حاجة لي في ميراثهما، وقد رأيت عندك فرسا سبقت عليه الناس، فأعطينه أجعله فحلا لخيلي.

  وأبى أن يأخذا المال، فبعث إليه يزيد بالفرس.

  قال لرجل من قريش بالرفاء والبنين فأنكر عليه ذلك

  أخبرنا عبيد اللَّه بن محمد قال حدّثنا الخرّاز عن المدائنيّ عن إسحاق بن يحيى قال:

  رأيت رجلا من قريش يقول له عقيل بن علَّفة: بالرّفاء والبنين والطائر المحمود. فقلت له: يا بن علَّفة؛ إنه يكره أن يقال هذا. فقال: يا بن أخي، ما تريد إلى ما أحدث! إنّ هذا قول أخوالك في الجاهلية إلى اليوم لا يعرفون غيره.

  قال: فحدّثت به الزّهري فقال: إن عقيلا كان من أجهل الناس. قال: وإنما قال لإسحاق بن يحيى بن طلحة: «هذا قول أخوالك»، لأن أم يحيى بن طلحة مرّيّة.

  خطب إليه رجل كثير المال مغموز في نسبه فقال فيه شعرا

  قال المدائني وحدّثني عليّ بن بشر الجشميّ قال قال الرّميح:

  خطب إلى عقيل رجل من بني مرّة كثير المال، يغمز في نسبه، فقال:

  لعمري لئن زوّجت من أجل ماله ... هجينا⁣(⁣٣) لقد حبّت إليّ الدراهم

  / أأنكح عبدا بعد يحيى وخالد ... أولئك أكفائي الرجال الأكارم

  أبى لي أن أرضى الدنيّة أنني ... أمدّ عنانا لم تخنه الشكائم⁣(⁣٤)

  خطب إليه رجل من بني مرة فطعن ناقته بالرمح فصرعته

  نسخت من كتاب محمد بن العباس اليزيديّ بخطَّه يأثره⁣(⁣٥) عن خالد بن كلثوم بغير إسناد متصل بينهما:

  أن رجلا من بني مرّة يقال له داود أقبل على ناقة له، فخطب إلى عقيل بن علَّفة بعض بناته، فنظر إليه عقيل - وإنّ السيف لا يناله - فطعن ناقته بالرمح فسقطت وصرعته، وشدّ عليه عقيل فهرب، وثار عقيل إلى ناقته فنحرها، وأطعمها قومه وقال:


(١) الودن والودان: حسن القيام على العروس؛ ويقال: ودن العروس: أحسن القيام عليها.

(٢) نحله، من النحل (بالضم)، وهو العطية والهبة.

(٣) الهجين: العربيّ ابن الأمة.

(٤) الشكيمة في اللجام، الحديدة المعترضة في فم الفرس.

(٥) يأثره: ينقله ويرويه.