كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عقيل بن علفة

صفحة 458 - الجزء 12

  ألم تقل يا صاحب القلوص ... داود ذا الساج وذا القميص⁣(⁣١)

  كانت عليه الأرض حيص بيص⁣(⁣٢) ... حتى يلفّ عيصه بعيصي⁣(⁣٣) ... وكنت بالشبان ذا تقميص

  فقال داود فيه من أبيات:

  أراه فتى جعل الحلال ببيته ... حراما ويقرى الضيف عضبا مهندّا

  فرت منه زوجته الأنمارية فردّها إلى عامل فدك

  وقال المدائني حدّثني جوشن بن يزيد قال:

  لما تزوّج عقيل بن علَّفة زوجته الأنمارية - وقد كبر - فرّت منه، فلقيها جحّاف. أحد بنى قتال بن يربوع، فحملها إلى عامل فدك، وأصبح عقيل معها، فقال الأمير لعقيل: ما لهذه تستعدي عليك يا أبا الجرباء؟ فقال عقيل: كلّ ذكرى، وذهب ذفرى⁣(⁣٤)، وتغايب نفري، فقال: خذ بيدها، فأخذها وانصرف، فولدت له بعد ذلك علَّفة الأصغر.

  شعره يحرض بني سهم على بني جوشن

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:

  لما نشبت الحرب بين بني جوشن وبين بني سهم بن مرة رهط عقيل بن علَّفة المريّ - وهو من بني غيظ بن مرة بن سهم بن مرّة إخوتهم - فاقتتلوا في أمر يهوديّ خمّار كان جارا لهم، فقتلته بنو جوشن من غطفان، وكانوا متقاربي المنازل وكان عقيل بن علَّفة بالشأم غائبا عنهم، فكتب إلى بني سهم يحرّضهم⁣(⁣٥).

  فإمّا هلكت ولم آتكم ... فأبلغ أماثل سهم رسولا

  بان التي سامكم قومكم ... لقد جعلوها عليكم عدولا

  هوان الحياة وضيم الممات ... وكلَّا أراه طعاما وبيلا

  فإن لم يكن غير إحداهما ... فسيروا إلى الموت سيرا جميلا

  ولا تقعدوا وبكم منّة ... كفى بالحوادث للمرء غولا⁣(⁣٦)

  قال: فلما وردت الأبيات عليهم تكفّل بالحرب الحصين بن الحمام المرّيّ أحد بني سهم، وقال: إليّ كتب


(١) الساج: الطيلسان الضخم الغليظ.

(٢) حيص بيص في الأصل: جحر الفأر ويقال: إنك لتحسب عليّ الأرض حيصا بيصا، بفتح الحاء والباء، وحيص بيص بكسرهما: أي ضيقة، وفي اللفظتين لغات عدّة لا تنفرد إحداهما عن الأخرى.

(٣) عيص المرء: أصله.

(٤) الذفر: شدة ذكاء الريح.

(٥) وردت بعض هذه الآبيات في «المفضليات» (طبع أوروبا ص ٨٨) منسوبة إلى بشامة بن عمرو، مع اختلاف في بعض ألفاظها.

(٦) الغول: كل ما أهلك الإنسان.