كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه

صفحة 469 - الجزء 12

  بكر العواذل يبتدرن ملامتي ... والعاذلون فكلَّهم يلحاني⁣(⁣١)

  في أن سبقت بشربة مقديّة ... صرف مشعشعة بماء شنان⁣(⁣٢)

  فقال له عبد الملك: شبيب بن البرصاء أكرم منك وصفا لنفسه حيث يقول:

  وإني لسهل الوجه يعرف مجلسي ... إذا أحزن القاذورة المتعبّس⁣(⁣٣)

  / يضيء سنا جودي لمن يبتغي القرى ... وليل بخيل القوم ظلماء حندس

  ألين لذي القربى مرارا وتلتوي ... بأعناق أعدائي حبال تمرّس⁣(⁣٤)

  كان عبد الملك يتمثل بشعره في بذل النفس عند اللقاء ويعجب به.

  قال: وكان عبد الملك يتمثّل بقول شبيب في بذل النفس عند اللقاء ويعجب به:

  دعاني حصن للفرار فساءني ... مواطن أن يثنى عليّ فأشتما

  فقلت لحصن نحّ نفسك إنما ... يذود الفتى عن حوضه أن يهدّما

  / تأخّرت أستبقى الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدّما

  سيكفيك أطراف الأسنّة فارس ... إذا ريع نادى بالجواد وبالحمى

  إذا المرء لم يغش المكاره أوشكت ... حبال الهوينى بالفتى أن تجذّما⁣(⁣٥)

  سبب مهاجاته عقيل بن علفة

  نسخت من كتاب أبي عبد اللَّه اليزيديّ ولم أقرأه عليه، قال خالد بن كلثوم:

  كان الذي هاج الهجاء بين شبيب بن البرصاء وعقيل بن علَّفة أنه كان لبني تشبة جار من بني سلامان بن سعد، فبلغ عقيلا عنه أنه يطوف في بني مرّة يتحدّث إلى النساء فامتلأ عليه غيظا، فبينا هو يوما جالس وعنده غلمان له وهو يجزّ إبلا له على الماء ويسمها إذ طلع # اني على راحلته، فوثب عليه وهو وغلمانه فضربوه ضربا مبرّحا، وعقر راحلته، وانصرف من عنده بشرّ، فلم يعد إلى ذلك الموضع، ولجّ الهجاء بينهما. وكان عقيل شرسا سيّء الخلق غيورا.


(١) يلحاني: يلومني.

(٢) مقدية: في الأصول «مقذية» وهو تصحيف، وخمر مقدية: نسبه إلى مقد وهي قرية بالأردن. صرف؛ خالصة. مشعشعة: ممزوجة.

الشنان: الماء البارد.

(٣) أحزن: صار في الخزن (بالفتح)، وهو ضد السهل، والمراد هنا تشدّد، والقاذورة: السيء الخلق.

(٤) تتمرّس: يشتدّ التواؤها.

(٥) تجذم: تقطع.