كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب يزيد بن الحكم وأخباره

صفحة 476 - الجزء 12

  وقال شاعرهم في الجاهليّة:

  والشيب إن يظهر فإنّ وراءه ... عمرا يكون خلاله متنفّس

  لم ينتقص منيّ المشيب قلامة ... ولما بقي منّي ألبّ وأكيس⁣(⁣١)

  شعره ليزيد بن المهلب حين خلع يزيد بن عبد الملك

  أخبرني عميّ قال حدّثنا الكرانيّ قال حدّثنا العمريّ عن لقيط قال قال يزيد بن الحكم الثقفي ليزيد بن المهلب حين خلع يزيد بن عبد الملك:

  أبا خالد قد هجت حربا مريرة ... وقد شمرت حرب عوان فشمّر

  فقال يزيد بن المهّلب: باللَّه أستعين، ثم أنشده، فلمّا بلغ قوله:

  فإنّ بني مروان قد زال ملكهم ... فإن كنت لم تشعر بذلك فاشعر

  فقال يزيد بن المهلب: ما شعرت بذلك، ثم أنشده فلما بلغ قوله:

  فمت ما جدا أو عش كريما فإن تمت ... وسيفك مشهور بكفك تعذر

  فقال: هذا ما لابدّ منه.

  / قال العمري: وحدّثني الهيثم بن عدي عن ابن عيّاش أن يزيد بن المهلَّب إنما كتب إليه يزيد بن الحكم بهذه الأبيات، فوقّع إليه تحت البيت الأوّل: أستعين باللَّه. وتحت البيت الثاني: ما شعرت. وتحت البيت الثالث: أمّا هذه فنعم.

  مدح يزيد بن المهلب وهو في سجن الحجاج فأعطاه نجما حل عليه

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني الغلَّابي قال حدّثني ابن عائشة قال: دخل يزيد بن الحكم على يزيد ابن المهلَّب في سجن الحجّاج وهو يعذّب، وقد حلّ عليه نجم كان قد نجّم⁣(⁣٢) عليه، وكانت نجومه في كلّ أسبوع ستّة عشر ألف درهم فقال له:

  أصبح في قيدك السماحة والجو ... د وفضل الصّلاح والحسب

  لا بطر إن تتابعت نعم ... وصابر في البلاء محتسب

  بززت سبق الجياد في مهل ... وقصّرت دون سعيك العرب

  قال: فالتفت يزيد بن المهلب إلى مولىّ له، وقال: أعطه نجم هذا الأسبوع، ونصبر على / العذاب إلى السبت الآخر.

  وقد رويت هذه الأبيات والقصّة لحمزة بن بيض مع يزيد.


(١) ألب وأكيس: أكثر عقلا وحزما.

(٢) تنجيم الدين: أن يقدر دفعه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مسناة، وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر مواقيت حلول دينها.