نسب يزيد بن الحكم وأخباره
  وأعرض عما ساءه وكأنما ... يقاد إلى ما ساءني بدليل
  مجاملة منّي وإكرام غيره ... بلا حسن منه ولا بجميل
  ولو شئت لولا الحلم جدّعت أنفه ... بإيعاب جدع بادئ وعليل(١)
  حفاظا على أحلام قوم رزئتهم ... رزان يزينون الندىّ كهول
  / وقال في أخيه عبد ربّه:
  أخي يسرّ الشّحناء يضمرها ... حتى ورى جوفه من غمره الداء(٢)
  حرّان ذو غصّة جرّعت غصّته ... وقد تعرّض دون الغصة الماء
  حتى إذا ما أساغ الريق أنزلني ... منه كما ينزل الأعداء أعداء
  أسعى فيكفر سعي ما سعيت له ... إني كذاك من الإخوان لقّاء
  وكم يد ويد لي عنده ويد ... يعدّهن تراب وهي آلاء
  فأمّا تمام القصيدة التي نسبت إلى طرفة فأنا أذكر منها مختارها ليعلم أنّ مرذول / كلام طرفة فوقه:
  تصافح من لاقيت لي ذا عداوة ... صفاحا وعنّي بين عينيك منزوي(٣)
  أراك إذا لم أهو أمرا هويته ... ولست لما أهوى من الأمر بالهوي
  أراك اجتويت الخير مني وأجتوي ... أذاك، فكلّ يجتوي قرب مجتوي(٤)
  فليت كفافا كان خيرك كلَّه ... وشرّك عني ما ارتوى الماء مرتوي(٥)
  عدوّك يخشى صولتي إن لقيته ... وأنت عدوّي، ليس ذاك بمستوي
  وكم موطن لولاي صحت كما هوى ... بأجرامه من قلَّة النّيق منهوي(٦)
  / إذا ما ابتنى المجد ابن عمك لم تعن ... وقلت ألا يا ليت بنيانه خوي(٧)
  كأنك إن نال ابن عمّك مغنما ... شج أو عميد أو أخو غلَّة لوي(٨)
  وما برحت نفس حسود حشيتها ... تذيبك حتى قيل هل أنت مكتوي(٩)
(١) جدعت: قطعت. وأوعبه إيعابا: استوعبه.
(٢) يقال: ورى القيح جوفه: أفسده. الغمر: الحقد والغل.
(٣) بين، مرفوع بالابتداء، ومنزوي خبره (وانظر «الخزانة» ١: ٤٩٧).
(٤) اجتواه: كرهه.
(٥) الكفاف: الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه، وهو خبر مقدّم لكان واسم ليت محذوف أو ضمير الشأن.
(٦) طاح يطيح ويطوح: هلك. هوى وانهوى: سقط. أجرام: جمع جرم وهو الجسم. القلة: أعلى الجبل. النيق: أرفع موضع في الجبل.
(٧) خوى المنزل: خلا من أهله.
(٨) شج: حزين. العميد: المريض لا يستطيع الجلوس من مرضه حتى يعمد من جوانبه بالوسائد (أي يقام). لوى: أصابه اللوي؛ وهو وجع في الجوف، والغلة: حرارة الجوف.
(٩) يقال حشي الرجل بنفسه وحشيها، (بالبناء للمجهول) من حشا الوسادة إذا ملأها.