كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسود الدؤلي ونسبه

صفحة 482 - الجزء 12

  أمير المؤمنين، ذهبت لغة العرب لمّا خالطت العجم، وأوشك إن تطاول عليها زمان أن تضمحلّ، فقال له: وما ذلك؟ فأخبره خبر ابنته، فأمره فاشترى صحفا بدرهم، وأملّ عليه: الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. (وهذا القول أول كتاب سيبويه)، ثم رسم أصول النحو كلَّها، فنقلها النحويّون وفرّعوها. قال أبو الفرج الأصبهانيّ: هذا حفظته عن أبي جعفر وأنا حديث السنّ، فكتبته من حفظي، واللفظ يزيد وينقص وهذا معناه.

  أمره زياد أن ينقط المصاحف فنقطها

  أخبرني عيسى بن الحسين قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني قال:

  أمر زياد أبا الأسود الدؤلي أن ينقط المصاحف، فنقطها ورسم من النحو رسوما، ثم جاء بعده ميمون الأقرن فزاد عليه في حدود العربية، ثم زاد فيها بعده عنبسة بن معدان المهريّ، ثم جاء عبد اللَّه بن أبي إسحاق الحضرميّ وأبو عمرو بن العلاء فزادا فيه، ثم جاء الخليل بن أحمد الأزديّ وكان صليبة فلحب الطريق⁣(⁣١). ونجم علي بن حمزة الكسائي مولى بني كاهل من أسد فرسم للكوفيّين رسوما هم الآن يعلمون عليها.

  أخذ النحو عن عليّ بن أبي طالب

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد النحويّ قال حدّثنا التّوّزيّ والمهريّ قالا حدّثنا كيسان بن المعرّف الهجيميّ أبو سليمان عن أبي سفيان بن العلاء عن جعفر بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤليّ عن أبيه قال:

  قيل لأبي الأسود: من أين لك هذا العلم؟ - يعنون به النحو - فقال: أخذت حدوده عن عليّ بن أبي طالب #.

  خبره مع زياد في سبب وضع النحو

  أخبرني أحمد بن العباس العسكريّ قال حدّثني عبيد اللَّه بن محمد عن عبد اللَّه بن شاكر العنبريّ عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عيّاش عن عاصم بن أبي النجود قال:

  أوّل من وضع العربيّة أبو الأسود الدؤليّ، جاء إلى زياد بالبصرة فقال له: أصلح اللَّه الأمير، إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وتغيّرت ألسنتهم، أفتأذن لي أن أضع لهم علما يقيمون به كلامهم؟ قال: لا. قال: ثم جاء زيادا رجل فقال: مات أبانا وخلَّف بنون، فقال زياد: مات أبانا وخلَّف بنون! ردّوا إليّ أبا الأسود الدؤليّ، فردّ إليه، فقال: ضع للناس ما نهيتك عنه. فوضع لهم النحو. وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يزيد بن مهران، فذكر أنّ هذه القصّة كانت بين أبي الأسود وبين عبيد اللَّه بن زياد.

  أول باب وضعه في النحو باب التعجب

  أخبرني أحمد بن العبّاس قال حدّثنا العنزيّ عن أبي عثمان المازنيّ عن الأخفش عن الخيل بن أحمد عن عيسى ابن عمر عن عبد اللَّه بن أبي إسحاق عن أبي حرب بن أبي الأسود قال:


(١) صليبة: في «أساس البلاغة» «عربي صليب: خالص النسب. وامرأة صليبة: كريمة النسب عريقة» والمعنى: وكان ذا نسبة صليبة.

لحب الطريق: بينه.