كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسود الدؤلي ونسبه

صفحة 494 - الجزء 12

  يريد وثاق ناقتي ويعيبها ... يخادعني عنها وثاق بن جابر

  فقلت تعلَّم يا وثاق بأنها ... عليك حمى أخرى الليالي الغوابر

  بصرت بها كوماء حوساء جلدة ... من الموليات الهام حدّ الظواهر⁣(⁣١)

  فحاولت خدعي والظنون كواذب ... وكم طامع في خدعتي غير ظافر

  ساومه رجل من سدوس في لقحة له وعابها فأبى عليه بيعها وقال في ذلك شعرا

  قال: وكانت له لقحة أخرى يقال لها الطَّيفاء، وكان يقول: ما ملكت مالا قط أحبّ إليّ منها، فأتاه فيها رجل من بني سدوس يقال له أوس بن عامر، فجعل / يماكر أبا الأسود ويعيبها، فألفاه بها بصيرا وفيها منافسا، فبذل له فيها ثمنا وافيا، فأبى أن يبيعه وقال فيه:

  أتاني في الطيفاء أوس بن عامر ... ليخدعني عنها بجنّ ضراسها⁣(⁣٢)

  فسام قليلا ناسئا غير ناجز ... وأحصر نفسا وانتهى بمكاسها⁣(⁣٣)

  فأقسم لو أعطيت ما سمت مثله ... وضعفا له لما غدوت برأسها

  أغرّك منها أن نحرت حوارها ... لجيران أمّ السّكن يوم نفاسها⁣(⁣٤)

  فولَّى ولم يطمع وفي النفس حاجة ... يردّدها مردودة بإياسها

  جوابه لسائل ملحف

  أخبرنا اليزيديّ قال حدّثنا عيسى عن ابن عائشة والأصمعيّ:

  أنّ رجلا سأل أبا الأسود الدؤليّ فردّه فألحّ عليه، فقال له أبي الأسود: ليس للسائل الملحف مثل الردّ الجامس. قال: يعني بالجامس الجامد.

  خطب امرأة من بني حنيفة فعارضه ابن عم لها فقال في ذلك شعرا

  وقال المدائني: خطب أبو الأسود امرأة من بني حنيفة - وكان قد رآها فأعجبته - فأجابته إلى ذلك وأذنت له في الدخول إليها، فدخل دارها فخاطبها بما أراد، فلما خرج لقيه ابن عمّ لها قد كان خطبها على أخيه، فقال له: ما تصنع هاهنا؟ فأخبره بخطبته المرأة، فنهاه عن التعرّض لها، ووضع عليها أرصادا، فكان أبو الأسود ربّما مرّبهم واجتاز بقبيلتهم، فدسّوا إليه رجلا يوبّخه في كل محفل يراه فيه، ففعل، وأتاه وهو في نادي قومه فقال له: يا أبا الأسود، أنت رجل شريف، ولك سنّ وخطر وعرض، وما أرضى لك أن تلمّ بفلانة، وليست لك بزوجة / ولا


(١) الكوماء: الناقة العظيمة السنام، الحوساء: الشديدة النفس، والجلدة: القوية.

(٢) يقولون في الناقة: «هي بجنّ ضراسها»، أي بحدثان نتاجها، وإذا كانت كذلك حامت عن ولدها، وعضت حالبها. وفي «اللسان» (ضرس) «الضبعاء»، وأورد البيت.

(٣) في الأصول

: «بائسا غير ناجز ... وأحضر «

وهو تصحيف، ونجز الحاجة: قضاها، وأحصره العدوّ: ضيق عليه. والمماكسة والمكاس في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه.

(٤) الحوار: ولد الناقة إلى أن يفطم. وفي ف بعد هذا البيت: «وأم السكن امرأته».