كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسود الدؤلي ونسبه

صفحة 495 - الجزء 12

  قرابة، فإنّ أهلها قد أنكروا ذلك وتشكَّوه، فإمّا أن تتزوّجها أو تضرب عنها، فقال له أبو الأسود:

  لقد جدّ في سلمى الشكاة وللَّذي ... يقولون - لو يبدو لك الرشد - أرشد

  يقولون لا تمذّل بعرضك واصطنع ... معادك إنّ اليوم يتبعه غد⁣(⁣١)

  وإياك والقوم الغضاب فإنهم ... بكل طريق حولهم تترصّد

  تلام وتلحى كل يوم ولا ترى ... على اللوم إلا حولها تتردّد!

  / أفادتكها العين الصموح وقد ترى ... لك العين ما لا تستطيع لك اليد

  وقال أبو الأسود:

  دعوا آل سلمى ظنّتي وتعنّتي ... وما زلّ مني، إنّ ما فات فائت⁣(⁣٢)

  ولا تهلكوني بالملامة إنما ... نطقت قليلا ثم إني لساكت

  سأسكت حتى تحسبوني أنني ... من الجهد في مرضاتكم متماوت

  ألم يكفكم أن قد منعتم بيوتكم ... كما منع الغيل الأسود النواهت⁣(⁣٣)

  تصيبون عرضي كل يوم كما علا ... نشيط بفأس معدن البرم ناحت⁣(⁣٤)

  جفاه ابن عامر لهواه في علي بن أبي طالب فقال في ذلك شعرا

  أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدّثنا عمر بن شبة قال ذكر الهيثم بن عديّ عن مجالد بن سعيد عن عبد الملك بن عمير قال:

  كان ابن عباس يكرم أبا الأسود الدؤلي لما كان عاملا لعليّ بن أبي طالب # على البصرة ويقضي حوائجه، فلما ولي ابن عامر جفاه وأبعده ومنعه حوائجه لما كان يعلمه من هواه في عليّ بن أبي طالب #، فقال فيه أبو الأسود:

  /

  ذكر ابن عباس بباب ابن عامر ... وما مرّ من عيشي ذكرت وما فضل

  أميرين كان صاحبيّ كلاهما ... فكلّ جزاه اللَّه عني بما فعل

  فإن كان شرا كان شرا جزاؤه ... وإن كان خيرا كان خيرا إذا عدل

  كان لابنه صديق من باهله فكره صداقته له

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا عبد اللَّه بن شبيب قال حدّثنا إبراهيم بن المنذر الخزاميّ قال حدّثنا محمد بن فليح بن سليمان عن موسى بن عقبة قال قال أبو الأسود الدؤلي لابنه أبي حرب - وما كان له صديق من باهله يكثر زيارته - فكان أبو الأسود يكرهه ويستريب منه:


(١) مذلت نفسه بالشيء: سمحت.

(٢) الظنة: التهمة.

(٣) النواهت: جمع ناهت؛ يقال: نهت الأسد نهيتا، وهو صوت الأسد دون الزئير. الغيل: الأجمة وموضع الأسد.

(٤) البرم: جمع برمة، وهي قدر من حجارة.