أخبار أبي الأسود الدؤلي ونسبه
  فتبسم زياد وقال: أما إذا كان هذا قولك فقد قبلت عذرك وعفوت عن ذنبك.
  استشير في رجل أن يولى ولاية فقال شعرا
  أخبرني هاشم بن محمد قال حدّثني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه عن عيسى بن عمر قال:
  سئل أبو الأسود عن رجل، واستشير في أن يولَّى ولاية، فقال أبو الأسود: هو ما علمته: أهيس أليس، ألدّ ملحس(١)، أن أعطى انتهر(٢)، وإن سئل أزر(٣). قال الأصمعي: الأهيس: الحاد، ويقال في المثل:
  إحدى لياليك فهيسي هيسي
  / قال: ويقال ناقة ليساء: إذا كانت لا تبرح من المبرك. قال: وهو مما يوصف به الشجاع(٤)، وأنشد في صفة ثور.
  / أليس عن حوبائه(٥) سخيّ
  ضمن له كاتب بن عامر أن يقضي حاجة ثم نكث فقال شعرا في ذلك
  أخبرني أحمد بن محمد بن عمران الصيرفيّ قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني أحمد بن الأسود بن الهيثم الحنفي قال حدّثنا أبو محلَّم عن مؤرّج السدوسيّ عن عبد الحميد بن عبد اللَّه بن مسلم بن يسار قال - وكان من أفصح أهل زمانه - قال: أوصى أبو الأسود الدؤلي كاتبا لعبد اللَّه بن عامر بحاجة له فضمن قضاءها ثم لم يصنع فيها شيئا، فقال أبو الأسود:
  لعمري لقد أوصيت أمس بحاجتي ... فتى غير ذي قصد عليّ ولا رؤوف(٦)
  ولا عارف ما كان بيني وبينه ... ومن خير ما أدلى به المرء ما عرف
  وما كان ما أمّلت منه ففاتني ... بأول خير من أخي ثقة صرف
  جفاه أبو الجارود فقال فيه شعرا
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدّثني محمد بن القاسم مولى بني هاشم قال حدّثني أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس قال حدّثني بكر بن حبيب السهمي عن أبيه، وكان من جلساء أبى الأسود الدؤلي قال:
  كان أبو الجارود سالم بن سلمة بن نوفل الهذلي شاعرا، وكان صديقا لأبي الأسود الدؤلي، فكان يهاديه الشعر، ثم تغير ما بينهما، فقال فيه أبو الأسود:
(١) ألدّ: جدل شديد الخصومة. والملحس: الحريص، والذي يأخذ كل شيء يقدر عليه، والشجاع كأنه يأكل كل شيء يرتفع له.
(٢) انتهره: زجره.
(٣) أزر، كضرب: تضام وتقبض من بخله.
(٤) الأليس: الشجاع الذي لا يبالي الحرب.
(٥) الحوباء: النفس.
(٦) رؤوف: رؤوف.