كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار سويد بن كراع ونسبه

صفحة 513 - الجزء 12

  رأيتك لم تمنع طهيّة حكمها ... وأعطيت يربوعا وأنفك راغم⁣(⁣١)

  وأنت امرؤ لا تقبل النصح طائعا ... ولكن متى تقهر فإنك رائم⁣(⁣٢)

  ووجدت هذا الخبر في رواية أبي عمرو الشيباني أتمّ منه هاهنا وأوضح فذكرته؛ قال:

  كان بين بني السيّد بن مالك، من ضبة، وبين بني عديّ بن عبد مناة ترام على خبراء بالصّمّان⁣(⁣٣) يقال لها ذات الزّجاج، فرمي عمرو بن حشفة أخو بني شييم فمات، ورمت بنو السّيد رجلا منهم يقال له مدلج بن صخر العدويّ فمكث أياما لم يمت، فمرّ رجل من بني عديّ يقال له معلَّل على بني السيد وهو لا يعلم الخبر، فأخذوه فشدّوه وثاقا فأفلت منهم، ومشى بينهم عصمة بن أبير⁣(⁣٤) التيميّ سفيرا، فقال لسالم بن فلان العدويّ: لو رهنتهم نسفك فإن مات مدلج كان رجل برجل، وإن لم يمت حملت دية صاحبهم، ففعل ذلك سالم على أن يكون عند أخثم بن حميريّ أخي بني / شييم من بني السيد، فكان عنده. ثم إن بني السيد لما أبطأ عليهم موت مدلج أتوا أخثم لينتزعوا منه سالما ويقتلوه، فقوّض عليه أخثم بيته ثم قال: يا آل أميّ - وكانت أمّه من بني عبد مناة بن بكر - فمنعه عبد مناة. ثم إن بني السيد قالوا لأخثم: إلى كم تمنع هذا الرجل؛ أما الدية فو اللَّه لا نقبلها أبدا. فجعل لهم أجلا إن لم يمت مدلج فيه دفع إليهم سالما فقتلوه به. فلما كان قبل ذلك الأجل بيوم مات مدلج، فقتلوا⁣(⁣٥) سالما، فقال في ذلك خالد بن علقمة أخو بني عبد اللَّه بن دارم، وهو ابن الطَّيفان:

  أسالم ما منّتك نفسك بعد ما ... أتيت بني السّيد الغواة الأشائما؟

  / أسالم قد منتك نفسك أنما ... تكون ديات ثم ترجع سالما

  كذبت ولكن ثائر متبسّل ... يلقّيك مصقول الحديدة صارما⁣(⁣٦)

  أسالم ما أعطى ابن مامة مثلها ... ولا حاتم فيما بلا الناس حاتما

  أسالم إن أفلت من شرّ هذه ... فوائل فرارا إنما كنت حالما

  وقد أسلمت تيم عديّا فأربعت ... ودلَّت لأسباب المنيّة سالما⁣(⁣٧)

  فأجابه سويد بن كراع بالأبيات التي ذكرها ابن سلام، وزاد فيها أبو عمرو:

  دعوتم إلى أمر النّواكة دار ما ... فقد تركتكم والنواكة دارم


(١) طهية، من بني حنظلة، وبنو يربوع بن حنظلة أبناء عمومتهم.

(٢) رائم: محب ألف.

(٣) الخبراء: منبت الخبر، وهو شجر السدر، والصمان: جبل في أرض تميم.

(٤) كذا في ج، وفي باقي الأصول: «وثير»، تصحيف.

(٥) في الأصول: «فقتلوا به».

(٦) تبسل: عبس غضبا أو شجاعة.

(٧) أسلمت: خذلت. أربعت: أطمأنت، من قولهم: أربع القوم إذا أقاموا في المربع. دلت من التدلية، يقال: دلاه في حفرة القبر أي أرسله فيه، والأسباب: الحبال.