أخبار أبي الطمحان القيني
  فتنبّه كالمتفزّع ثم قال: من يقول هذا ويحك؟ قلت: أبو الطَّمحان القينيّ يا أمير المؤمنين. قال: صدق واللَّه، أعدهما عليّ. فأعدتهما عليه حتى حفظهما. ثم دعا بالطعام فأكل، ودعا بالشراب فشرب. وأمر لي بعشرين ألف درهم.
  استشهاد خالد بن يزيد ببيتين له في ريبة اعتذر عنها الحسن لعبد الملك
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال: حدّثني أحمد بن الحارث الخرّاز قال: [حدّثني] المدائنيّ قال:
  عاتب عبد الملك بن مروان الحسن بن / الحسن @ على شيء بلغه عنه من دعاء أهل العراق إيّاه إلى الخروج معهم على عبد الملك، فجعل يعتذر إليه ويحلف له. فقال له خالد بن يزيد بن معاوية: يا أمير المؤمنين، ألا تقبل عذر ابن عمك وتزيل عن قلبك ما قد أشربته إيّاه؟ أما سمعت قول أبي الطَّمحان القينيّ:
  /
  إذا كان في صدر ابن عمّك إحنة ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
  وإن(١) حمأة المعروف أعطاك صفوها ... فخذ عفوه لا يلتبس بك طينها
  استئذانه الزبير بن عبد المطلب في الرجوع إلى أهله وشعره في ذلك
  قال المدائني: ونزل أبو الطمحان على الزّبير بن عبد المطَّلب بن هاشم، وكانت العرب تنزل عليه، فطال مقامه لديه، واستأذنه في الرجوع إلى أهله وشكا إليه شوقا(٢) إليهم، فلم يأذن له. وسأله المقام، فأقام عنده مدّة، ثم أتاه فقال له:
  ألا حنّت المرقال وائتبّ(٣) ربّها ... تذكَّر أوطانا(٤) وأذكر معشري
  ولو عرفت صرف البيوع لسرّها ... بمكة أن تبتاع حمضا بإدخر(٥)
  أسرّك لو أنّا بجنبي عنيزة(٦) ... وحمض(٧) وضمران(٨) الجناب وصعتر
  / إذا شاء راعيها استقى من وقيعة(٩) ... كعين الغراب صفوها لم يكدّر
  فلمّا أنشده إيّاها أذن له فانصرف، وكان نديما له.
(١) الحمأة: الطين الأسود المنتن. والمقصود هنا عين الماء وفيها صفو وكدرة. وهو يوصيه بأخذ الصفو وترك الطين.
(٢) في «المختار»: «شوقه».
(٣) المرقال: الناقة تسرع في سيرها، من الإرقال، وهو ضرب من العدو فوق الخبب. وائتب: تهيأ للذهاب وتجهز، كأب الثلاثي من بابي نصر وضرب.
(٤) رواية الشعر والشعراء ص ٢٢٩: «أرماما». وأرمام: موضع، وله يوم يعرف بيوم أرمام.
(٥) يقول: إن ناقته لو عرفت صرف البيوع، لسرها أن تنتقل من بلاد الإذخر إلى بلاد الحمض لشوقها إلى البادية. والحمض من النبات كل نبت مالح أو حامض يقوم على سوق ولا أصل له كالنجيل والرمث والطرفاء وما أشبهها. ومن الأعراب من يسمى كل نبات فيه ملوحة حمضا ضد الخلة من النبات وهو ما كان حلوا. والعرب تقول: الخلة خيز الإبل، والحمض فاكهتها. وإذا شبعت الإبل من الخلة اشتهت الحمض. والإذخر: حشيش طيّب الرائحة.
(٦) عنيزة: قارة سوداء في بطن وادي فلج من ديار بني تميم.
(٧) حمض بفتح أوله هنا: موضع بالبحرين. وإذخر هنا: مكان بمكة.
(٨) الضمران: موضع، وصعتر بفتح أوّله وإسكان ثانيه: موضع. قاله أبو حنيفة عند ذكر الصعتر في أصناف النبات («معجم ما استعجم» ص ٦٠٨). والبيت في رواية أبي حنيفة كما في «تاج العروس» (مادة: صعتر):
بودّك لو أنا بفرش عنازة ... بحمض وضمران الجناب وصعتر
(٩) الوقيعة: مكان صلب يمسك الماء.