كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأسود ونسبه

صفحة 17 - الجزء 13

  تاللَّه لو جاورتموه بأرضه ... حتّى يفارقكم إذا ما أحرما⁣(⁣١)

  وهي قصيدة طويلة.

  رد الإبل مكرمة للأسود

  فبعث أخواله من بني عجل بإبل طلحة إلى الأسود بن يعفر فقالوا: أمّا إذ كنت شفيعه فخذها، وتولّ ردّها لتحرز المكرمة عنده دون غيرك.

  النعمان يحث خالد بن مالك على المطالبة بثأر عمه الَّذي قتله وائل وسليط العجليان

  وقال ابن الأعرابيّ: قتل رجلان من بني سعد بن عجل يقال لهما وائل وسليط ابنا عبد اللَّه، عمّا لخالد بن مالك بن ربعيّ النّهشليّ يقال له عامر بن ربعيّ، وكان خالد بن مالك عند النّعمان حينئذ ومعه الأسود بن يعفر.

  فالتفت النعمان يوما إلى / خالد بن مالك فقال له: أيّ فارسين / في العرب تعرف هما أثقل على الأقران وأخفّ على متون الخيل؟ فقال له: أبيت اللَّعن! أنت أعلم. فقال: خالا أبن عمّك الأسود بن يعفر وقاتلا عمّك عامر بن ربعيّ (يعني العجليّين وائلا وسليطا). فتغيّر لون خالد بن مالك. وإنّما أراد النّعمان أن يحثّه⁣(⁣٢) على الطَّلب بثأر عمّه. فوثب الأسود فقال: أبيت اللعن! عضّ بهن أمّه من رأى حقّ أخواله فوق حقّ أعمامه. ثم التفت إلى خالد بن مالك فقال: يا بن عمّ، الخمر عليّ حرام حتى أثأر لك بعمك. قال: وعليّ مثل ذلك.

  الأسود وخالد يجمعان جمعا ويغيران على كاظمة فقتل وائل وسليط

  ونهضا يطلبان القوم؛ فجمعا جمعا من بني نهشل بن دارم فأغارا بهم على كاظمة⁣(⁣٣)، وأرسلا رجلا من بني زيد بن نهشل بن دارم يقال له عبيد يتجسّس لهم الخبر، فرجع إليهم فقال: جوف كاظمة ملآن من حجّاج وتجار، وفيهم وائل وسليط متساندان⁣(⁣٤) في جيش. فركبت بنو نهشل حتى أتوهم، فنادوا: من كان حاجّا فليمض لحجه، ومن كان تاجرا فليمض لتجارته. فلمّا خلص لهم وائل وسليط في جيشهما اقتتلوا، فقتل وائل وسليط، قتلهما هزّان بن زهير بن جندل بن نهشل، عادى بينهما⁣(⁣٥). وادّعى الأسود بن يعفر أنه قتل وائلا. ثم عاد إلى النّعمان فلما رآه تبسّم وقال: وفي نذرك يا أسود؟ قال: نعم أبيت اللَّعن! ثم أقام عنده مدّة ينادمه ويؤاكله.

  ما قاله الأسود في مرضه

  ثم مرض مرضا شديدا، فبعث النعمان إليه رسولا يسأله عن خبره وهول ما به؛ فقال:

  /

  نفع قليل إذا نادى الصّدى⁣(⁣٦) أصلا ... وحان منه لبرد الماء تغريد

  وودّعوني فقالوا ساعة انطلقوا ... أودى فأودى النّدى والحزم والجود

  فما أبالي إذا ما متّ ما صنعوا ... كلّ امرئ بسبيل الموت مرصود


(١) لعلها «ما أجرما».

(٢) في ط: «يبعثه».

(٣) كاظمة: موضع على سيف البحر في طريق البحرين من البصرة بينها وبين البصرة مرحلتان. وفيها ركايا كثيرة وماؤها شروب. وهي الواردة في «بردة البوصيري».

(٤) متساندان: متعاونان يسند كل واحد منهما الآخر ويعضده، وكل منهما تحت راية.

(٥) عادى الفارس بين رجلين، إذا طعنهما طعنتين متواليتين.

(٦) الصدى هنا: الطائر الَّذي يخرج من هامة الميت إذا بلى، وجمعه أصداء، وهو من خرافات العرب. وأصلا (بضمتين): جمع أصيل وهو العشيّ.