كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الأسود ونسبه

صفحة 18 - الجزء 13

  ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ يأثره عن أبيه، قال:

  ما قاله في فرس أخذها ابنه جراح من بني الحارث بن تيم اللَّه واستولدها أمهارا

  كان أبو جعل أخو عمرو بن حنظلة من البراجم قد جمع جمعا من شذّاذ أسد وتميم وغيرهم، فغزوا بني الحارث بن تيم اللَّه بن ثعلبة، فنذروا⁣(⁣١) بهم وقاتلوهم قتالا شديدا حتى فضّوا جمعهم، فلحق رجل من بني الحارث بن تيم اللَّه بن ثعلبة جماعة من بني نهشل فيهم جرّاح بن الأسود بن يعفر، والحرّ بن شمر بن هزّان بن زهير بن جندل، ورافع بن صهيب بن حارثة بن جندل، وعمرو والحارث ابنا حرير⁣(⁣٢) بن سلمى بن جندل، فقال لهم الحارثيّ⁣(⁣٣): هلمّ إليّ طلقاء⁣(⁣٤)؛ فقد أعجبني قتالكم سائر اليوم، وأنا خير لكم من العطش. قالوا نعم. فنزل ليجّز نواصيهم. فنظر الجرّاح بن الأسود إلى فرس من خيلهم فإذا هي أجود فرس في الأرض، فوثب فركبها وركضها ونجا عليها. فقال الحارثيّ للذين بقوا معه: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم نحن لك عليه خفراء. فلمّا أتى جرّاح أباه أمره فهرب بها في بني سعد فابتطنها⁣(⁣٥) ثلاثة أبطن، وكان يقال لها: العصماء. فلما رجع النّفر النّهشليّون إلى قومهم قالوا إنّا خفراء فارس العصماء، فو اللَّه لنأخذنّها، فأوعدوه⁣(⁣٦). وقال حرير⁣(⁣٧) ورافع: نحن الخفيران / بها.

  وكان بنو جرول حلفاء بني سلمى بن جندل على بني حارثة بن جندل، فأعانه على ذلك التّيحان بن بلج بن جرول بن نهشل. فقال الأسود بن يعفر يهجوه:

  / /

  أتاني ولم أخش الَّذي ابتعثا به ... خفيرا بني سلمى حرير ورافع

  هم خيّبوني يوم كلّ غنيمة ... وأهلكتهم⁣(⁣٨) لو أنّ ذلك نافع

  فلا أنا معطيهم عليّ ظلامة ... ولا الحقّ معروفا لهم أنا مانع

  وإني لأقري الضيف وصّى به أبي ... وجار أبي التّيحان ظمآن جائع

  فقولا لتيحان ابن عاقرة استها ... أمجر⁣(⁣٩) فلاقي الغيّ أم أنت نازع⁣(⁣١٠)

  ولو أنّ تيحان بن بلج أطاعني ... لأرشدته وللأمور مطالع

  وإن يك مدلولا⁣(⁣١١) عليّ فإنّني ... أخو الحرب لا قحم⁣(⁣١٢) ولا متجاذع⁣(⁣١٣)


(١) نذر بالشيء وبالعدو (بكسر الذال) نذرا: علمه فحذره.

(٢) في الأصول: «حدين» صوابه من نقل البغدادي في «الخزانة» ١: ١٩٥ عن «الأغاني».

(٣) في سائر الأصول: «الحارث» وظاهر أنه تحريف، إذ هو الرجل الَّذي لحق بجماعة بني نهشل. وهو منسوب إلى بني الحارث بن تيم اللَّه بن ثعلبة، وسيأتي بعد سطور بلفظ «الحارثي».

(٤) طلقاء: جمع طليق، وهو الأسير أطلق عنه إساره.

(٥) ابتطنها: نتجها ثلاث مرات.

(٦) أوعدوه: هددوه.

(٧) كذا في ط. وفي سائر الأصول «جرير» بالجيم.

(٨) كذا في الأصل و «خزانة الأدب».

(٩) مجر: قاصد إلى الشر، يقال: أجرى إلى الشيء قصده؛ وأكثر ما يستعمل الإجراء، محذوف المفعول، في الأمر المنكر المذموم.

قال غلاق بن مروان بن الحكم بن زنباع:

هم قطعوا الأرحام بيني وبينهم ... وأجروا إليها واستحلوا المحارما

(١٠) النازع من النزوع وهو الكف عن الشيء، والانتهاء عنه.

(١١) مدلولا علي: أي اجترأ القوم علي.

(١٢) القحم: الكبير السن.

(١٣) المتجاذع: الَّذي يرى أنه صغير السن. والجذع: الصغير السن.