كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العجير السلولي ونسبه

صفحة 44 - الجزء 13

  ونسخت من كتاب ابن حبيب قال ابن الأعرابي: اصطحب العجير وشاعر من خزاعة إلى المدينة فقصد الخزاعيّ الحسن بن الحسن بن عليّ $، وقصد العجير رجلا من بني عامر بن صعصعة كان قد نال سلطانا، فأعطى الحسن بن الحسن الخزاعيّ وكساه ولم يعط العامريّ العجير شيئا، فقال العجير:

  العجير يقول حين حرمه العامري العطاء

  يا ليتني يوم حزّمت القلوص له ... يمّمتها هاشميّا غير ممذوق⁣(⁣١)

  محض النّجار⁣(⁣٢) من البيت الَّذي جعلت ... فيه النبوّة يجري غير مسبوق

  لا يمسك الخير إلا ريث يسأله ... ولا يلاطم⁣(⁣٣) عند اللحم في السوق⁣(⁣٤)

  فبلغت أبياته الحسن، فبعث إليه بصلة إلى محلَّة قومه وقال له: قد أتاك حظَّك وإن لم / تتصدّ له.

  العجير يشرب حتى ينتشي فيأمر بنحر حمله ويقول شعرا

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن دينار الأحول قال: حدّثني بعض الرواة أن العجير بن عبد اللَّه السلولي مر بقوم يشربون فسقوه فلما انتشى قال: انحروا جملي وأطعمونا منه. فنحروا وجعلوا يطعمونه ويسقونه ويغنّونه بشعر قال يومئذ، وهو:

  علَّلاني إنما الدنيا علل ... واسقياني عللا بعد نهل

  وانشلا⁣(⁣٥) ما اغبرّ من قدريكما ... وأصبحاني⁣(⁣٦) أبعد اللَّه الجمل

  أصحب الصاحب ما صاحبني ... وأكفّ اللَّوم عنه والعذل

  وإذا أتلف شيئا لم أقل ... أبدا يا صاح ما كان فعل

  / قال: فلما صحا سأل عن جمله فقيل له: نحرته البارحة. فجعل يبكي ويصيح: واغربتاه! وهم يضحكون منه. ثم وهبوا له بعيرا فارتحله⁣(⁣٧) وانصرف إلى أهله.

  ندمه على ذلك بعد صحوه وارتحاله على بعير وهب له

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمّد بن يزيد قال: حجّ العجير السلوليّ فنظر إلى امرأته وكان قد حجّ بها معه وهي تلحظ فتى من بعد وتكلمه فقال فيها:

  أيا ربّ لا تغفر لعثمة ذنبها ... وإن لم يعاقبها العجير فعاقب

  أشارت وعقد اللَّه بيني وبينها ... إلى راكب من دونه ألف راكب

  حرام عليك الحجّ لا تقربنّه ... إذا حان حجّ المسلمات التوائب


(١) المذق: الخلط. يريد أنه هاشمي صريح النسب.

(٢) النجار (بالكسر وبضم): الأصل والحسب. ومحضه: خالصه.

(٣) في جميع الأصول: «يطاعم» وهو تحريف. والتصويب عن المرحوم الشنقيطي في نسخته. والملاطمة: مفاعله من اللطم، وهو ضرب الجسد وصفحة الجسد بالكف مفتوحة.

(٤) يريد أنه لا يشتري لضيفانه اللحم من السوق وإنما يذبح لهم في بيته.

(٥) انشلا: أمر من نشل اللحم ينشله (بضم الشين وكسرها) نشلا إذا أخرجه من القدر بيده من غير مغرفة فهو نشيل. والنشيل: ما طبخ من اللحم بغير توابل. وما اغبر: ما بقي.

(٦) أصبحاني: أعطياني الصبوح. وهو هنا ما أكل أو شرب عدوة.

(٧) ارتحله: خط عليه الرحل.