كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب عبد الله بن الحجاج وأخباره

صفحة 112 - الجزء 13

  كان عبد اللَّه بن الحجاج قد خرج مع نجدة بن عامر الحنفيّ الشاري، فلما انقضى أمره هرب، وضاقت عليه الأرض من شدّة الطلب، فقال في ذلك:

  رأيت بلاد اللَّه وهي عريضة ... على الخائف المطرود كفّة حابل⁣(⁣١)

  تؤدّي إليه أن كلّ ثنيّة ... تيمّمها ترمي إليه بقاتل⁣(⁣٢)

  / قال: ثم لجأ إلى أحيح بن خالد بن عقبة بن أبي معيط، فسعى به إلى الوليد بن عبد الملك، فبعث إليه بالشّرط، فأخذ من دار أحيح، فأتي به الوليد فحبسه، فقال وهو في الحبس:

  /

  أقول وذاك فرط الشوق منّي ... لعيني إذ نأت ظمياء فيضي⁣(⁣٣)

  فما للقلب صبر يوم بانت ... وما للدمع يسفح من مغيض

  كأن معتّقا من أذرعات ... بماء سحابة خصر فضيض⁣(⁣٤)

  بفيها، إذ تخافتني حياء ... بسرّ لا تبوح به خفيض

  يقول فيها:

  فإن يعرض أبو العبّاس عنّي ... ويركب بي عروضا عن عروض

  ويجعل عرفه يوما لغيري ... ويبغضني فإنّي من بغيض

  فإنّي ذو غنى وكريم قوم ... وفي الأكفاء ذو وجه عريض

  غلبت بني أبي العاصي سماحا ... وفي الحرب المذكَّرة العضوض⁣(⁣٥)

  خرجت عليهم في كلّ يوم ... خروج القدح من كفّ المفيض⁣(⁣٦)

  فدى لك من إذا ما جئت يوما ... تلَّقاني بجامعة ربوض⁣(⁣٧)

  على جنب الخوان وذاك لؤم ... وبئست تحفة الشيخ المريض⁣(⁣٨)

  كأني إذ فزعت إلى أحيح ... فزعت إلى مقوقية بيوض⁣(⁣٩)

  إوزة غيضة لقحت كشافا ... لقحقحها إذا درجت نقيض⁣(⁣١٠)


(١) الكفة للصائد: حبالته، وهي المصيدة بكسر الميم وسكون الصاد.

(٢) تؤدي إليه: تخيل إليه. والثنية: الطريق الصعبة والطريقة في الجبل كالنقب، وقيل هي العقبة، وقيل هي الجبل نفسه.

(٣) ظمياء: اسم امرأة. والظمياء من الشفاه: الذابلة في سمرة، ومن العيون: الرقيقة الجفن.

(٤) المعتق: الشراب عتق زمانا. وفي ج، س بالباء بدل التاء وهو تصحيف. أذرعات: بلدة بالشام مشهورة بالخمر. والخصر: البارد، وفي ج: «خضر» بالضاد المعجمة وهو تصحيف. والفضيض: المنتشر.

(٥) المذكرة العضوض: الشديدة.

(٦) المفيض: الَّذي يضرب بقداح الميسر ليظهر الفائز وغير الفائز.

(٧) الجامعة: الغلّ، الربوض: الضخمة الثقيلة.

(٨) التحفة: ما أتحفت به الرجل من طعام ونحوه. وفي الحديث: «تحفة الكبير». وفي كل الأصول: «دسست بخفة». وروى في «الحيوان» (٢: ٣٠٢): «وبئست خبزة».

(٩) المقوقية: المصونة.

(١٠) الكشاف: أن تلقح حين تبيض. والقحقح بضم القافين: العظم المطيف بالدبر. والنقيض: الصوت. وفي هذا البيت إقواء.