كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المخبل ونسبه

صفحة 135 - الجزء 13

  المخبل وخليدة بنت بدر

  أخبرني هاشم بن محمّد الخزاعي، قال: حدّثنا الرياشي، قال: حدّثنا الأصمعي، قال: مر المخبل السّعدي بخليدة بنت بدر، أخت الزّبرقان بن بدر، بعد ما أسنّ وضعف بصره، فأنزلته وقرّبته وأكرمته ووهبت له وليدة، وقالت له إنّي آثرتك بها يأبا يزيد⁣(⁣١) فاحتفظ بها. فقال: ومن أنت حتى أعرفك وأشكرك؟ قالت: لا عليك، قال:

  بلى واللَّه أسألك. قالت: أنا بعض من هتكت بشعرك ظالما، أنا خليدة بنت بدر. فقال: وا سوأتاه / منك؛ فإني أستغفر اللَّه ø، وأستقيلك وأعتذر إليك. ثم قال:

  لقد ضلّ حلمي في خليدة إنّني ... سأعتب نفسي بعدها وأموت

  فأقسم بالرحمن إنّي ظلمتها ... وجرت عليها والهجاء كذوب

  من قصيدة الغناء

  والقصيدة الَّتي فيها الغناء المذكور بشعر المخبّل وأخباره يمدح بها علقمة بن هوذة ويذكر فعله به وما وهبه له من ماله، ويقول:

  فجزى الإله سراة قومي نضرة ... وسقاهم بمشارب الأبرار

  قوم إذا خافوا عثار أخيهم ... لا يسلمون أخاهم لعثار

  أمثال علقمة بن هوذة إذ سعى ... يخشى عليّ متالف الأبصار

  أثنوا عليّ وأحسنوا وترافدوا ... لي بالمحاض البزل والأبكار⁣(⁣٢)

  والشّول يتبعها بنات لبونها ... شرقا حناجرها من الجرجار⁣(⁣٣)

  المخبل والزبرقان وعبدة وعمرو يحكمون في شعرهم

  أخبرنا أبو زيد، عن عبد الرحمن، عن عمه، وأخبرنا محمّد بن العباس اليزيديّ قال: حدّثني عمي عبيد اللَّه، عن ابن حبيب. وأخبرني عمّي، قال: حدّثنا الكرانيّ، قال: حدّثنا العمريّ، عن لقيط قالوا:

  اجتمع الزبرقان بن بدر والمخبل السعديّ وعبدة بن الطبيب وعمرو بن الأهتم قبل أن يسلموا، وبعد مبعث النبي ، فنحروا جزورا، واشتروا خمرا ببعير، وجلسوا يشوون ويأكلون، فقال بعضهم: لو أنّ قوما طاروا من جودة أشعارهم لطرنا. فتحاكموا إلى أوّل من يطلع عليهم، فطلع عليهم ربيعة بن حذار⁣(⁣٤) الأسديّ، وقال اليزيدي:

  فجاءهم رجل من بني يربوع يسأل عنهم، فدلّ عليهم وقد نزلوا بطن واد وهم جلوس يشربون، فلما رأوه سرهم، وقالوا له: أخبرنا أيّنا أشعر؟ قال: أخاف أن تغضبوا، فآمنوه من ذلك، فقال: أما عمرو فشعره برود / يمنية تنشر وتطوى، وأما أنت يا زبرقان فكأنك رجل أتى جزورا قد نحرت⁣(⁣٥)، فأخذ من أطايبها وخلطه بغير ذلك.


(١) في ح: «أبا زيد».

(٢) المخاض: الحوامل من النوق، أو العشار الَّتي أتى عليها من حملها عشرة أشهر. والبزل: ما بلغ من الإبل التاسعة. والأبكار: النوق الَّتي ولدت أوّل بطن. والشول جمع شائلة: ما أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فارتفع ضرعها وجف لبنها. وابن اللبون: ولد الناقة إذا كان من العام الثاني واستكمله أو إذا دخل في الثالثة.

(٣) الجرجار: عشبة لها زهرة صفراء.

(٤) حذار في س، ش، أما في ح فخدار بالخاء المعجمة والدال المهملة، تحريف. وفي القاموس: «وربيعة بن حذار، كغراب: جواد معروف».

(٥) ح: «ذبحت».