أخبار حاجز ونسبه
  حاجز شامة، فنظرت إليها امرأة من خثعم، فصاحت: يا آل خثعم، هذا حاجز. فطاروا يتبعونه، فقالت لهم عجوز كانت ساحرة: أكفيكم سلاحه أو عدوه. فقالوا: لا نريد أن تكفينا عدوه فإن معنا عوفا وهو يعدو مثله، ولكن اكفينا سلاحه. فسحرت لهم سلاحه وتبعه عوف بن الأغر(١) بن همام بن الأسرّ بن عبد الحارث بن واهب بن مالك بن صعب بن غنم بن الفزع الخثعمي، حتى قاربه، فصاحت به خثعم: يا عوف ارم حاجزا، فلم يقدم عليه، وجبن، فغضبوا وصاحوا: يا حاجز، لك الذمام، فاقتل عوفا فإنه قد فضحنا. فنزع في قوسه ليرميه، فانقطع وتره، لأنّ المرأة الخثعمية كانت قد سحرت سلاحه، فأخذ قوس بشير ابن أخيه فنزع فيها فانكسرت، / وهربا من القوم ففاتاهم ووجد حاجز بعيرا في طريقه فركبه فلم يسر في الطريق الَّذي يريده ونحا به نحو خثعم؛ فنزل حاجز / عنه، فمرّ فنجا وقال في ذلك:
  فدى لكما رجليّ أمي وخالتي ... بسعيكما بين الصفا والأثائب(٢)
  أوان سمعت القوم خلفي كأنّهم ... حريق أباء في الرّياح الثواقب
  سيوفهم تغشى الجبان ونبلهم ... يضيء لدى الأقوام نار الحباحب(٣)
  فغير قتالي في المضيق أغاثني ... ولكن صريح العدو غير الأكاذب
  نجوت نجاء لا أبيك تبثه ... وينجو بشير نجو أزعر خاضب(٤)
  وجدت بعيرا هاملا فركبته ... فكادت تكون شرّ ركبة راكب(٥)
  حاجز يغير على بني هلال
  وقال أبو عمرو: اجتاز قوم حجّاج من الأزد ببني هلال بن عامر بن صعصعة، فعرفهم ضمرة بن ماعز سيد بني هلال، فقتلهم هو وقومه، وبلغ ذلك حاجزا، فجمع جمعا من قومه وأغار على بني هلال فقتل فيهم وسبى منهم، وقال في ذلك يخاطب ضمرة بن ماعز:
  يا ضمر هل نلناكم بدمائنا ... أم هل حذونا نعلكم بمثال(٦)
  نبكي لقتلى من فقيم قتّلوا ... فاليوم تبكي صادقا لهلال
  / ولقد شفاني أن رأيت نساءكم ... يبكين مردفة على الأكفال(٧)
  يا ضمر إن الحرب أضحت بيننا ... لقحت على الدكَّاء بعد حيال(٨)
(١) في ح: «ابن الأعسر».
(٢) الأثائب: جمع أثأب، وهو شجر ينبت في بطون الأودية.
(٣) الحباحب: ذباب يطير بالليل له شعاع في ذنبه كالسراج، وربما جعلوا الحباحب اسما لما يرى في ذنبه كأنه نار. وقيل هو اسم رجل بخيل كان لا يوقد نارا إلا نارا ضعيفة مخافة الضيفان، فضربوا بها المثل حتى قيل «نار الحباحب» لما تقدحه الخيل بحوافرها من حيث لا ينتفع به.
(٤) لا أبيك: لعله أراد: لا وأبيك. ويقال نجا ينجو نجوا: خلص. وفي الأصول: «نحو»، تحريف. والأزعر: القليل الشعر.
والخاضب: الظليم إذا أكل الربيع فاحمرت ساقاه وقوادمه، وهو الذكر من النعام.
(٥) الهامل: المتروك سدى ليلا ونهارا.
(٦) في الأصول: «نفلكم بمثال».
(٧) المردفة: الَّتي أركبت خلف الراكب. والأكفال جمع كفل: العجز.
(٨) الدكاء: رابية من طين. والحيال: العقم.