كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه

صفحة 160 - الجزء 13

  وهبان وعبد الصمد

  قال: وكان وهبان هذا رجلا يبيع الحمام⁣(⁣١)، فجمع جماعة من أصحابه وجيرانه، وجعل يغشى المجالس، ويحلف أنّه ما قال: إن عبد الصمد بيض محوّل، ويسألهم أن يعتذروا إليه؛ فكان هذا منه قد صار بالبصرة طرفة ونادرة، فجاءني عبد الصمد يستغيث منه، ويقول لي: ألم أقل لك إنّ آفتي منه عظيمة، واللَّه لدوران وهبان على النّاس يحلف لهم: إنه ما قال: إني بيض محوّل، أشدّ عليّ من هجائه لي. فبعثت إلى وهبان فأحضرته، وقلت له:

  يا هذا، قد علمنا أنّ الجماز قد كذب عليك، وعذرناك فنحبّ أن لا نتكلف العذر إلى الناس في أمرنا، فإنّا قد عذرناك. فانصرف وقد لقي عبد الصمد بلاء.

  تدخل الحمدوي بين عبد الصمد ومضرطان

  أخبرني محمّد بن جعفر الصيدلانيّ النحويّ صهر المبرد، قال: حدّثني إسحاق بن محمّد النخعي قال: قال لي أبو شراعة القيسيّ:

  بلغ أبا جعفر مضرطان أن عبد الصمد بن المعذّل هجاه، واجتمعا عند أبي وائلة السّدوسيّ، فقال له مضرطان: بلغني أنك هجوتني. فقال له عبد الصمد⁣(⁣٢): من أنت حتى أهجوك؟ قال: هذا شرّ من الهجاء. فوثب إلى عبد الصّمد يضربه، فقال الحمدويّ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه، وحمدويه جدّه، وهو الَّذي كان يقتل الزنادقة:

  /

  ألذّ من صحبة القناني ... أو اقتراح على قيان⁣(⁣٣)

  لكز فتى من بني لكيز ... يهدى له أهون الهوان⁣(⁣٤)

  أهوى له بازل خدبّ ... يطحن قرنيه بالجران⁣(⁣٥) /

  فنال منه ثؤور قوم ... باليد طورا وباللَّسان⁣(⁣٦)

  وكان يفسو فصار حقّا ... يضرط من خوف مضرطان

  قال: وبلغ عبد الصّمد شعر الحمدويّ، فقال: أنا له. ففزع الحمدويّ منه، فقال:

  ترح طعنت به وهمّ وارد ... إذ قيل إنّ ابن المعذّل واجد⁣(⁣٧)

  هيهات أن أجد السّبيل إلى الكرى ... وابن المعذّل من مزاحي حارد⁣(⁣٨)

  فرضي عنه عبد الصمد.

  تهاجي الجماز وعبد الصمد

  أخبرني محمّد بن عمران الصيرفيّ قال: حدّثنا العنزيّ،. قال: حدّثني إبراهيم بن عقبة اليشكريّ، قال:


(١) في س، ش: «يتبع الحمام». وفي ح: «يتبع الحمار» وهو تحريف.

(٢) الكلام بعده إلى «عبد الصمد» لا يوجد في ح، وزيدت كلمة «فجعل» قبل «يضربه» في ح.

(٣) في الأصول: «من محنة». القناني: جمع قنينة.

(٤) اللكز: الضرب. ولكيز كزبير ابن أفصى بن عبد القيس. ويهدي بالياء في س، ش أما في ح فبالنون.

(٥) الخدب بتشديد الباء هو الجمل الشديد الصلب. والقرنان: الجانبان.

(٦) الثؤور: جمع ثأر.

(٧) الترح: الهم.

(٨) الحارد: الغضبان المغتاظ.