أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه
  قال لي عبد الصمد بن المعذل، هجاني الجماز ببيتين سخيفين فسارا في أفواه الناس، حتى لم يبق خاصّ ولا عامّ إلا رواهما، وهما:
  ابن المعذل من هو ... ومن أبوه المعذّل
  سألت وهبان عنه ... فقال بيض محوّل
  / فقلت أنا فيه شعرا تركته يتحاجى(١) فيه كلّ أحد، فما رواه أحد ولا فكَّر فيه، وذلك لضعته، وهو قولي:
  نسب الجمّاز مقصو ... ر إليه منتهاه
  يتراءى نسب النا ... س فما يخفى سواه
  يتحاجى في أبي الج ... مّاز من هو كاتباه
  ليس يدري من أبو الج ... مّاز إلا من يراه
  شعره في بستان له
  أخبرني الأخفش، قال: كان لعبد الصمد بستان نظيف عامر، فأنشدنا لنفسه فيه:
  إذا لم يزرني(٢) ندمانيه ... خلوت فنادمت بستانيه
  فنادمته خضرا مؤنقا ... يهيّج لي ذكر أشجانيه
  يقرّب مفرحة المستلذّ ... ويبعد همّي وأحزانيه
  أرى فيه مثل مداري الظَّباء ... تظلّ لأطلائها حانيه(٣)
  ونور أقاح شتيت النبات ... كما ابتسمت عجبا غانيه(٤)
  ونرجسه مثل عين الفتاة ... إلى وجه عاشقها رانيه(٥)
  شعره في يزيد والجارية الَّتي عشقها واشتراها
  أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب، قال:
  كان يزيد بن عبد الملك المسمعيّ يهوى جارية من جواري القيان، يقال لها: عليم، وكان يعاشر عبد الصمد، ويزيد يومئذ شابّ حديث السن، وكان عبد الصمد يسمّيه ابني، ويسمّي الجارية ابنتي، فباع الفتى بستانا له في معقل، وضيعة بالقندل(٦)، فاشترى الجارية بثمنها، فقال عبد الصمد:
  بنيّتي أصبحت عروسا ... تهدى من ابني إلى عروس
  زفّت إليه لخير وقت ... فاجتمعا ليلة الخميس
(١) يتحاجى: يتفاطن، من الأحجية، وهي مثل اللغز في الكلام.
(٢) في الأصول: «إذا لم يزرنا». والندمان، بالفتح: النديم على الشراب، والندماء أيضا.
(٣) المداري: القرون. والطلا بالفتح: ولد الظبي ساعة يولد، وهو أيضا الصغير من كل شيء.
(٤) النور: الزهر. والأقاحي: جمع أقحوانة، نبت تشبه به الأسنان.
(٥) الرانية من رنا: إذا أدام النظر في سكون.
(٦) نهر معقل: نهر معروف بالبصرة، منسوب إلى معقل بن يسار بن عبد اللَّه المزنى. والقندل: موضع بالبصرة ذكر في أخبار مكة.