كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه

صفحة 161 - الجزء 13

  قال لي عبد الصمد بن المعذل، هجاني الجماز ببيتين سخيفين فسارا في أفواه الناس، حتى لم يبق خاصّ ولا عامّ إلا رواهما، وهما:

  ابن المعذل من هو ... ومن أبوه المعذّل

  سألت وهبان عنه ... فقال بيض محوّل

  / فقلت أنا فيه شعرا تركته يتحاجى⁣(⁣١) فيه كلّ أحد، فما رواه أحد ولا فكَّر فيه، وذلك لضعته، وهو قولي:

  نسب الجمّاز مقصو ... ر إليه منتهاه

  يتراءى نسب النا ... س فما يخفى سواه

  يتحاجى في أبي الج ... مّاز من هو كاتباه

  ليس يدري من أبو الج ... مّاز إلا من يراه

  شعره في بستان له

  أخبرني الأخفش، قال: كان لعبد الصمد بستان نظيف عامر، فأنشدنا لنفسه فيه:

  إذا لم يزرني⁣(⁣٢) ندمانيه ... خلوت فنادمت بستانيه

  فنادمته خضرا مؤنقا ... يهيّج لي ذكر أشجانيه

  يقرّب مفرحة المستلذّ ... ويبعد همّي وأحزانيه

  أرى فيه مثل مداري الظَّباء ... تظلّ لأطلائها حانيه⁣(⁣٣)

  ونور أقاح شتيت النبات ... كما ابتسمت عجبا غانيه⁣(⁣٤)

  ونرجسه مثل عين الفتاة ... إلى وجه عاشقها رانيه⁣(⁣٥)

  شعره في يزيد والجارية الَّتي عشقها واشتراها

  أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب، قال:

  كان يزيد بن عبد الملك المسمعيّ يهوى جارية من جواري القيان، يقال لها: عليم، وكان يعاشر عبد الصمد، ويزيد يومئذ شابّ حديث السن، وكان عبد الصمد يسمّيه ابني، ويسمّي الجارية ابنتي، فباع الفتى بستانا له في معقل، وضيعة بالقندل⁣(⁣٦)، فاشترى الجارية بثمنها، فقال عبد الصمد:

  بنيّتي أصبحت عروسا ... تهدى من ابني إلى عروس

  زفّت إليه لخير وقت ... فاجتمعا ليلة الخميس


(١) يتحاجى: يتفاطن، من الأحجية، وهي مثل اللغز في الكلام.

(٢) في الأصول: «إذا لم يزرنا». والندمان، بالفتح: النديم على الشراب، والندماء أيضا.

(٣) المداري: القرون. والطلا بالفتح: ولد الظبي ساعة يولد، وهو أيضا الصغير من كل شيء.

(٤) النور: الزهر. والأقاحي: جمع أقحوانة، نبت تشبه به الأسنان.

(٥) الرانية من رنا: إذا أدام النظر في سكون.

(٦) نهر معقل: نهر معروف بالبصرة، منسوب إلى معقل بن يسار بن عبد اللَّه المزنى. والقندل: موضع بالبصرة ذكر في أخبار مكة.